الإسلام في أفريقية - وضع الأقليات المسلمة

الأقليات المسلمة في العالم- ظروفها المعاصرة-آلامها، وآمالها

حول الأقليات الإسلامية في إفريقيا

العوامل التي ساعدت على محاربة الإسلام في إفريقيا إن وضع المسلمين في أي دولة من دول الجمهوريات الإفريقية التي تعيش بها أقليات إسلامية لا يكاد يختلف كثيراً عن وضعهم في بقية أجزاء القارة الإفريقية .

وتضافرت على محاربة الإسلام فيها عوامل ساعدت على إبعادهم عن المراكز القيادية وسلبهم حقوقهم الشرعية في حكم أوطانهم ووصفهم بالقصور والجهل وعدم صلاحيتهم لغير الأعمال الحقيرة ويرجع ذلك في جوهره إلى الأمور الآتية :

1. كثافة حركة المد المسيحي واستمراريته .

2. الجهل بتعاليم الدين الإسلامي وأنه دين ودنيا .

3. التركيز على بقاء الاستعمار الفكري والاقتصادي مسيطراً على مجريات الأمور والأحداث .

4. التأخر الاجتماعي والثقافي الذي تعيش في ظله القارة وفصل الدين عن حركة تطور الحياة .

5. مواقف الدول المحلية واتجاهاتها غير الواضحة .

وتشابه وضع الأقليات هذه في إفريقيا في مظاهره وفي عوامله مع وضع الأكثريات المسلمة في مختلف الأقطار الإفريقية وذلك تبعاً لما واجهته هذه الأقليات في مجموعها وفي تاريخها من صدمات محلية ونكسات حضارية ومن أبرزها وجود الاستعمار بمختلف أشكاله وصوره والفكر الغربي المناوئ للإسلام ومبادئه عقيدة ودستورا وشريعة وتتجلى خطورة هذا الوضع فيما تقوم به بعض الحكومات من تشديد وطأتها على المسلمين سواء أكانوا أقليات أم أكثريات لتبقى طيلة حياتها في حالة من الذل والاستكانة حتى إذا ما تنبهت إحدى الدول الأخرى من هنا أو هناك لتلك الخطورة بتقديم أي نوع من الإعانات والمساعدات ثارت وغضبت نفوس الحاقدين وعلت أصواتهم وارتفعت أبواقهم واعتبروا ذلك تدخلاً في الشئون الداخلية لهذه الدولة التي هي في حاجة إلى دعم ومساعدة ومساندة الدول الإسلامية الأخرى .

إننا نعرف أن الإسلام دخل إفريقيا عن طريق العديد من المنافذ : فمن الحبشة في أول الأمر عبر البحر الأحمر حين أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته بالخروج إلى الحبشة لأن فيها ملكاً لا يظلم عنده أحد ، وقد زرع الصحابة بذور الإسلام منذ هجرتهم الأولى إليها وأسلم إبان ذلك العهد ملكها النجاشي ودخل الإسلام عن طريق التبابعة الذين كانوا يدخلونها من قبل عبر السواحل الشرقية في أرتيريا ثم أسلموا ودخلوا في الإسلام بعد ذلك ، وربما كان أغلب ذلك عن طريق باب المندب إلى الصومال وشرق إفريقيا وشمالاً إلى سهول أرتيريا . ودخل الإسلام أيضاً عن طريق المحيط الهندي وبدأ من الأطراف الجنوبية والشرقية لبلاد العرب ويعتبر المدخل الشمالي الشرقي أهم هذه المداخل ، إلى جانب المداخل الشرقية البحرية السابقة ، والتي دخل من خلالها المسلمون بقيادة عمرو بن العاص إلى مصر مروراً بشبه جزيرة سيناء فيعد هذا المدخل من أهم الطرق التي اتبعها الإسلام وانتشر فيها في أفريقيا ، ويسجل التاريخ العديد من صور البطولات لقادة جيوش المسلمين الذين اقتحموا بخيولهم مياه المحيط الأطلسي ( الساحل الغربي لإفريقيا ) كعقبة بن نافع وغيره .

واستمر جهاد المسلمين في إفريقيا حتى امتد سلطانهم إلى مناطق لم يصل إليها الرومان ، وتتابعت بعد ذلك هجرات المسلمين ليندمجوا مع السكان الأصليين مكونيين نسيج ذلك المجتمع الذي حمل الدعوة عبر الصحراء إلى الداخل البعيد من مجاهل إفريقيا وغاباتها الاستوائية ، وقامت للإسلام في هذه الأصقاع حياة جديدة لها قسماتها الحضارية المتميزة التي أفرزت من بعد خصائص أكبر كتلة متجانسة في إفريقيا .

وقد أورد ياقوت الحموي في ( معجم البلدان ) :

( كان عقبة بن نافع مقيماً في نواحي برقة وزويلة منذ ولاية عمرو بن العاص له فجمع من أسلم من البربر وضمهم إلى الجيش الوارد له من معاوية وسار في إفريقيا ونازل مدنها وأسلم على يده خلق من البربر وفشا فيهم دين الله حتى اتصل ببلاد السودان على مناطق في غرب إفريقيا أو الأجزاء الشمالية من غرب إفريقيا ـ لقد جمع عقبة حيئذ أصحابه وقال : ( إني رأيت أن أبني هاهنا مدينة يسكنها المسلمون فاستصوبوا رأيه وبنى القيروان ) .

ويعود انتشار الإسلام في إفريقيا إلى منتصف القرن الأول الهجري برغم أن معظم المراجع الأوربية تمر مروراً سريعاً على القرون الأربعة الأولى . ويرجع الفضل في انتشار الإسلام في غرب إفريقيا إلى جهود عبد الله بن ياسين مؤسس دولة المرابطين في القرن الثاني عشر الميلادي ثم جاءت بعدها مرحلة التوسع في القرن الثامن عشر الميلادي على يد عثمان بن فوديو الفلاني التي أضافت الكثير إلى الجهود المتصلة التي بذلها المسلمون منذ وطئت أقدامهم أرض القارة ، ولإفريقيا فضل كبير على أوربا فلولا انطلاقة الإسلام وعبوره إلى أوربا قادماً من إفريقيا الشمالية لظلت أوربا ترسف في ظلمات الجهل والتخلف قروناً أخرى حيث ساهمت في تنوير العقول بشتى العلوم والمعارف ، وكان الجزاء على ذلك ممثلاً في أشنع أنواع التعذيب والإبادة والقمع والسيطرة الاستعمارية فلا يمكن لمنصف عادل أن ينكر فضل الإسلام على أوربا ، وعندما بدأت أوربا عصر النهضة انحسر المد الإسلامي عن الأندلس وتراجع إلى السواحل الإفريقية .

ولا يتسع المجال لبيان آثار الاستعمار في إفريقيا فالواقع اليوم بكل أدواته البشعة هو بعض نتائجه التي شاركت أوربا المتمدينة ودول أخرى في صنعه وعلى رأس هذه الدول البرتغال وفرنسا وأسبانيا وإنجلترا وإيطاليا ثم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والصين وغيرها . لقد نشرت أوربا في إفريقيا مع القمع والقتل والتعذيب والاستنزاف تجارة الرقيق وكانت النخاسة واسترقاق البشر وبيع من سموهم بالعبيد تجارة رابحة ولم يعد هذا الموضوع خافياً على أحد بما في ذلك الإفريقيين أنفسهم وكانوا يعمدون إلى نشر صور للعبيد مقيدين بالسلاسل والحبال يشد طرفها الآخر رجل عربي بملابس عربية تزييفاً للحقائق وتشويهاً لصورة العرب .

وكل ما قاموا به يخالف الواقع بطبيعة الحال ، فالإفريقيون أنفسهم أدركوا من خلال اندماج المسلمين بهم مدى التسامح الإسلامي فلا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح .

ويدل على بطلان إفتراءاتهم ما بذله بعض الأوربيين في القرن التاسع عشر في محاربة أنواع الاستغلال سالفة الذكر حتى استصدروا قانوناً يحارب تجارة الرقيق في مارس 1807 م . وقدر عدد الرقيق الذين أمكنهم إنقاذهم من السفن عابرة المحيط بحوالي 1400 سنوياً ، كما تم تحرير حوالي خمسين ألف رقيق فيما بين عامي 1827 و 1878 م وكان الإسلام قد فرغ من مثل هذه القضية منذ 1300 سنة .

ومن المحاولات المستمرة التي بذلها المستعمرون في إفريقيا من أجل السيطرة أنهم وجدوا في بعض أجزاء القارة أرضاً خصبة لزرع أفكارهم ونشر سمومهم مستغلين في ذلك حالات المرض والجوع والجهل وذلك بإنشاء المستشفيات الحديثة ، والمؤسسات الثقافية المتطورة والمزارع الشاسعة والكنائس الفخمة ورياض الأطفال ودور الأيتام وشرعوا كذلك في مساومة بعض الأسر المسلمة في أبنائها بتوقيع عقود يقدمون بموجبها بعض الغذاء لأفراد الأسرة في مقابل اختيارهم لطفل من أطفال هذه الأسرة دون الخامسة من عمره كي ينشئوه نشأة مسيحية ويرسلوه إلى الخارج لإكمال دراسته بإحدى الدول الغربية وإعادته بعد ذلك إلى البلاد لاستخدامه في أغراضهم الدنيئة سواء كانت سياسية أو تنصيرية وبذلك يكتمل العقد وينشأ جيل مثقف بثقافة الغرب ، حاملاً لدينه وعقيدته ومنبهراً بحضارته ، ومنفذاً لتعليماته .

كما أن أعداء الدين الإسلامي الحنيف لم يحاولوا الدخول مع الإسلام في هذه المناطق والبلدان في صراعات بل واستطاع الاستعمار أن ينشأ مؤسسات جديدة في مقابل تلك التي يتردد عليها الوطنيون وأعلن القبول فيها لأبناء الأغنياء الذين يؤهلون لقيادة مجتمعاتهم وبذلك قضى على كل مظاهر العلم والثقافة وتركت هذه المؤسسات التعليمية تموت من تلقاء نفسها بتوجيه الدعم المالي والمساعدات للمؤسسات التابعة لهم واستطاعوا كذلك أن يعرضوا مبادئ الإسلام بطريقة مشوهة وإدخال إضافات لا تمت لها بصلة بطريق الدس في تعاليمه لينالوا من داخل أبنائه بعد أن عجزوا عن قهره والتغلب عليه من الخارج .

جانب من التحديات التي فرضها المستعمرون على إفريقيا :

شملت التحديات التي تواجه إفريقيا والإفريقيين مختلف جوانب الحياة سواء أكانت متعلقة بمشكلات سياسية أو ثقافية أو اجتماعية أو دينية أو مادية ومن أهم هذه المشكلات :

1 – استطاع المستعمرون السيطرة التامة على ثروات هذه البلاد ومواردها واستنزاف كل ما تستطيعه منها وتقويض كل ما فيها من المؤسسات التي اصطنعها لتعينه على تحقيق مآربه وأغراضه ومن ثم ترك البلاد عند رحيله منها بلا رؤوس أموال وبلا كوادر بشرية لتسيير العمل الوطني وما زالت سيطرة هذه الدول على الاقتصاد الإفريقي والثروات الإفريقية قائمة حتى الآن ولكن بدرجات متفاوتة .

2 – من الأمور المسلم بها أن الاستعمار لم يمنح الاستقلال للدول التي كان يستعمرها فخرج من الباب ليعود إليها من النافذة في صور شتى ممثلة في عرضه للخدمات والمساعدات ومحاولة إنقاذ البلاد بطرق مشبوهة متجاهلاً أنه هو صاحب اليد الطولى في هذا التخلف وذاك الضياع ، وهو المسئول عن التردي في هذه الأوضاع السيئة التي تعاني منها البلاد فضلاً عن أن كل عروضه لا تمثل نهضة حقيقة بقدر ما هي محاولة للتبعية والاعتماد عليه اقتصادياً وتعليمياً وفي جميع جوانب التنمية فهو لا يعطي إلا ما يعينه على إحكام السيطرة ودوام استمرارها وضمان ذلك بشكل جديد في صورة امتيازات للأوربيين واليهود لامتصاص هذه الثروات الوطنية .

3 – ورثت إفريقيا أمية متفشية وجهلاً مطبقاً لم تحاول الدول الاستعمارية القضاء عليها لأنها كانت تعتمد عليها ضمن أسلحتها في محاربة هذه البلدان بل وتعتبرها من عوامل استقرارها وسيادتها ويستثنى من ذلك بعض العناصر التي تخطت حواجز الاستعمار أو ساعدها الاستعمار ذاته ليستعين بها في بعض الأحيان . ومن أبرز المشكلات التي زرعها الاستعمار في هذا المضمار ثنائية التعليم وازدواجيته . فالمدارس الحكومية في الدول الإفريقية المسلمة ليس فيها شيء عن الإسلام ومناهجها خالية من تعاليم الدين الحنيف وتؤهل عادة لتولي المناصب المختلفة في الدولة وقليل من الأنشطة الأخرى ، في حين أن المدارس الدينية قاصرة على تعليم اللغة العربية والإسلام وهذه الفجوة التعليمية ثمرة من ثمار الفكر الاستعماري المخطط والمدروس الذي ينبغي علينا معشر المسلمين محاربته والتصدي له ليس فقط في إفريقيا بل وفي غيرها من الدول العربية التي تتأثر بالفكر الغربي وثقافته ، لأن كل المناهج التي يضعها المستعمرون إنما تخدم قضية التبعية الثقافية رغم حرص هذه الدول على التخلص من مثل هذه المناهج والنظم التعليمية .

4 – من المعروف أن إفريقيا تزخر بالعديد من الثقافات والديانات والمذاهب واللغات والعناصر المختلفة التي تتصارع فيما بينها ويجب أخذ هذا في الاعتبار عند التخطيط للمستقبل ومحاولة البناء على أسس سليمة تضمن توحيد الجهود ، ونبذ الفرقة والاختلاف .

5 – منح الدولة اليهودية فرصة بأن يكون لها دور في المصالح الإفريقية وفي عمليات التنمية وذلك عن طريق دعمها بكل مقومات الوجود في هذه المناطق لأن هذه الدولة كما هو معروف تعيش على إعانات الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة والدول الغربية الأخرى بصفة عامة فكيف يتسنى لها أن تساعد غيرها من الدول الإفريقية ؟ إن الاستعمار قد دأب على استخدام دولة العدو رأس جسر مستديم لضرب مستقبل الأمة العربية والإسلامية تأكيداً وتدعيماً لدورها في هذه البلدان الإفريقية .

6 – مع كل المراحل والتطورات التي شهدتها القارة الإفريقية كانت هناك دائماً الحرب الضارية ضد الثقافة العربية والإسلام . وعلى اختلاف الدول الاستعمارية كان العداء للإسلام وللعرب هو القاسم المشترك في كل الظروف بينما تسابقت على نشر ثقافاتها ونظرياتها وكان على الدول المستعَمرة أن تتخير لنفسها أحد المنهجين ، إما أن تتخلص من آثار الاستعمار نهائياً وتضرب عرض الحائط بأفكاره وهذا بالطبع سيوقعها في أحضان العديد من المذاهب الأخرى وإما محاولة التمسك بالعقيدة الإسلامية ومثلها من خلال العلماء والمفكرين ورجال الطرق والمثقفين المسلمين لقد استطاع المستعمر أن يقوم بغزو فكري وهجمة ثقافية غربية بقصد اجتياح الثقافة الإسلامية التي يشكك البعض في عمق جذورها والاستحواذ على أجيال الشباب والمثقفين والقادة . وساعدهم على ذلك عدة أمور منها :

(أ‌) الفقر العقائدي الإسلامي كمحطة للاستعمار الطويل وعدم وجود التعليم الإسلامي الشامل .

(ب‌) السيطرة بالتعليم على عقول الأجيال وزرع الثقافة الغربية فيهم جيلاً بعد جيل .

(ت‌) توجيه البعثات التعليمية إلى البلاد الأوربية واستقطاب العائدين بكل ما لديهم من قوة .

(ث‌) التركيز على ثنائية التعليم ليكون لديهم الفرصة للقضاء على الدين الإسلامي ووقف انتشاره بين أبناء القارة .

(ج‌) آثار الجهل والمرض والشعوذة والخرافة والسحر التي حاول المستعمر بثها في عقول الشباب .

(ح‌) انعدام وسائل الاتصال بين الدول الإسلامية أو المنظمات الشعبية وصعوبة الاتصالات بين الدول الإسلامية وبخاصة بين عاصمتين إفريقيتين .

(خ‌) التبعية الإعلامية الكاملة أو شبه الكاملة للأجهزة الإعلامية الكبرى في العواصم الأوربية وإنشاء إذاعات محلية صغيرة ولا تتجاوز الإستفادة منها نطاقات محدودة جداً .

(د‌) نشر العَلمانية حيثما كانت الأغلبية للمسلمين والغلبة لغير المسلمين وكذلك العمل على نشر الكتب والأفلام والصحف والمجلات التي تفسد القيم الإسلامية وتروج الفكر الغربي والحياة الماجنة من خلال أفكارها ومبادئها .

وعلى ذلك يمكننا القول بأن الغزو الفكري والثقافي في القارة الإفريقية اعتمد على أسس متينة وخطط مشبوهة أتقن الاستعمار نسج خيوطها والسيطرة التامة عن طريقها ونعرض هنا لأهم هذه الأسس ومنها :

1 – تشويه الإسلام وتعويق انتشاره والاستفادة من غيبته في تطوير أفكاره والترويج لمبادئه .

2 – نشر الفكر الإلحادي والماركسي والصهيوني والصليبي .

3 – تشجيع الأفكار والمعتقدات الهدامة في القضاء على الإسلام كمحاولة لنشر الماسونية والبهائية والقاديانية والصهيونية ، الذي يهمنا في هذا المجال هو كيفية نشر الصهيونية ومبادئها الهدامة وخطرها المحقق على أبناء القارة الإفريقية خاصة والأمة العربية والإسلامية عامة حيث إن أفكارها تنطلق من استعلائية الفكر العنصري وتفوق العنصر اليهودي المتمثل في شعب الله المختار وأن ما عداه من البشر ما هم إلا حيوانات مسخرة لخدمتهم ، وتتطلع الصهيونية إلى السيطرة على العالم أجمع وتحاول التسلل إلى كافة المعتقدات والمذاهب السائدة لهدمها ، ولها وسائلها ومخططاتها لإفساد الشباب والأجيال فكرياً وخلقياً باستخدام وسائل الثقافة والإعلام والترفيه والأفلام والنوادي الليلية والفنون الموضوعة وكل ما يشهده العالم من ذلك يدل على أفكارهم الخبيثة في تخطي كل الحواجز التي تقام من أجل وقف انتشارها ومقاطعتها .

لقد استطاعت الصهيونية أن تسيطر على بعض وسائل الإعلام الحديثة في العالم وقد توصلوا إلى توظيف الوسائل لخدمة أهدافهم ونشر أفكارهم الهدامة باستخدام أحدث الأساليب الإعلامية تحت إشراف فرق ومراكز دراسات على مستوى عال من العلم والخبرة فهناك على سبيل المثال نحو مائة وإحدى عشر محطة إذاعية للطائفة المسيحية تتمركز في مناطق مناسبة لتوسعة بث البرامج وتوزيع أشرطة الفيديو والكاسيت ومجلات الأطفال والنساء وملايين النسخ من الكتب الإباحية والمضللة ، كما أنهم أنشأوا النوادي الليلية وساعدوا على انتشار الفساد والسيطرة على غرائز الناس . وفي غمار ذلك كان للشيوعية دورها في تنفيذ مخططاتها الرهيبة التي تهدف إلى القضاء على الأديان والأسرة والأخلاق ، وهي تستغل عواطف الأفارقة الفقراء بنظرياتها الكاذبة والداعية إلى إلغاء الملكية والفردية والطبقية بين الناس .

وضع اللغة العربية في إفريقيا :

من المعروف أن اللغة العربية قد تطورت في إفريقيا من لغة دين إلى لغة تكامل بين كافة الشعوب الإفريقية التي اعتنقت الإسلام ، واللغة العربية في إفريقيا جنوب الصحراء ارتبط وجودها التاريخي بدخول الإسلام وانتشاره في أنحاء القارة باعتبارها لغة القرآن التي ينبغي على كل مسلم أن يعرف منها ما يمكنه من قراءة القرآن والحديث وممارسة الشعائر الدينية وبخاصة الصلاة .

تطورت اللغة العربية بين الشعوب الإفريقية التي اعتنقت الإسلام وأصبحت أساساً من أسس التعليم الإسلامي ومادة من مواد الدراسة في التعليم الحديث ولقد كان للدول الإسلامية والعربية فضل كبير في انتشار هذه اللغة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بما أنشأته من مراكز ثقافية ومدارس ومساجد في أنحاء القارة .

والمدرسون المنتشرون في مناطق تجمعات المسلمين يمدونهم بالعلم والمعرفة والدعوة إلى الله وما يحملونه من كتب ومراجع ومطبوعات دينية وإسلامية تساعد على التعليم والتفقه في الدين وكذلك المنح العلمية للطلبة الأفارقة كي يدرسوا في الخارج وفي جامعات المملكة . وكلها موجهة لإعلاء كلمة الإسلام وخدمة المسلمين في هذه القارة مما انعكس على اللغة العربية والثقافة الإسلامية التي طالما حرم منها المسلمون الأفارقة على عهد الاستعمار اللعين .

وعرفت اللغة العربية على مستويين رئيسيين مستوى الخاصة ومستوى العامة .

1 – فعلى المستوى الخاص نجد أن كل من يشتغل بأمور الدين والشريعة والتعليم قد وجد نفسه مضطراً لإتقانها وتعلمها بدرجة تسمح له بأداء مهام وظيفته على الوجه الأكمل وفقاً لما تقتضيه هذه المهام من علم وفقه وتبحر في أمور الدين وعلى رأس هؤلاء كان الفقهاء الذين يؤمون في الصلاة ويعظون الناس ويخطبون على المنابر والدعاة الذين يلمون بشئون الدين حتى يتمكنوا من الدعوة والإرشاد ـ كان على أمثال هؤلاء أن يتعلموا العربية إتقاناً وإجادة تمكنهم من الاطلاع على التفسير والحديث والسيرة والشريعة والأصول وكان أولى الناس بتعلم العربية من يتولون القضاء ليمكنهم تعلمها وإتقانها من العلم بأسرار التشريع الإسلامي وقوانينه وأصوله من القرآن والسنة . ولقد اعتاد الكثيرون من هؤلاء الخاصة من أئمة ودعاة وقضاة ومعلمين أن يتجهوا إلى المراكز الثقافية الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة أو المدارس الإسلامية الكبرى في الشمال الإفريقي مثل الزيتونة في تونس والقرويين في المغرب والأزهر في مصر لينهلوا من مناهل العلم بها وحضور مجالس العلماء والفقهاء وأعلام الفكر والثقافة الإسلامية في تلك البقاع . وأنشئت في العصور الحديثة عدة مدارس إسلامية لتخريج خاصة من القوم من أبناء أقطار غرب إفريقيا مثل مدرسة الشريعة الإسلامية ومدرسة العلوم العربية في كانو بنيجيريا ومدرسة المعلمين العربية الفرنسية بمالي وغيرها ، لقد أصبحت مثل هذه المدارس مصدراً للتلاميذ الذين يتمون دراساتهم الجامعية والعليا بجامعات العالم العربي والإسلامي في السعودية ومصر وشمال إفريقيا .

2 – وعلى مستوى العامة فإن على كل مسلم أن يتعلم ثلاثة أمور :

(أ‌) معرفة القراءة والكتابة ليتمكن من قراءة القرآن وأداء الشعائر الدينية .

(ب‌) معرفة بعض القواعد الأساسية للإسلام والمعاملات الإسلامية حتى يسلك الفرد المسلم سلوكاً قويماً يتفق مع تعاليم دينه .

(ت‌) تفهم بعض ما يستمع إليه من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ليكون دائم الاتصال بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

وبذلك فقد كان لزاماً على كل من دخل الإسلام أن يتجه إلى مجلس أحد العلماء الذين صحبوا التجار في هجرتهم أو إلى المسجد من أجل تلقي هذه التعليم الأساسي ، وسارع المسلمون في إرسال أبنائهم إلى المدارس القرآنية لتحفيظ القرآن ، وتعلم اللغة والفقه والشريعة والحساب مما يمكنه من ممارسة حياته في ظل الإسلام .

ظاهرة اتساع نطاق استخدام العربية في المجالات الاجتماعية والتجارية والاقتصادية :

لم يقتصر استخدام اللغة العربية على أوساط المتعلمين فقط كلغة أدب ومراسلة بل إنها لغة تخاطب العامة بين جماعات مختلفة اللسان مثل الطوارق والكتوري والهوسا والفولاني والتولي واليوريا .

ويؤكد موري لاست في كتابه : \” تاريخ الخلافة في سوكوتو \” ظاهرة هذا الاتساع في استخدام اللغة العربية فأصحاب اللغة الفلانية الذين انتشروا من المحيط الأطلسي شرقاً إلى سفوح هضبة الحبشة ويمتدون من الكمرون جنوباً إلى الكونغو كانوا وما زالوا يتكلمون العربية إلى جانب لغتهم الأصلية كما تحدث بها الماندي في غينيا ومالي ، والباميارا في مالي والوولوف في السنغال وغيرهم من الجماعات التي دخلت الإسلام ، بل إن بعض أبناء هذه الجماعات ممن هاجروا جنوباً حتى ساحل غانا حملوا معهم العربية كلغة تخاطب عامة يتحدثون بها في مجتمعاتهم الجديدة التي أنشأوها في المدن الساحلية .

كيفية انتشار اللغة العربية :

كان الانتشار أولاً من منطلق ديني تمثل في اعتناق القبائل والشعوب للإسلام وحاجتها إلى اللغة العربية التي هي لغة القرآن وغيره من الشعائر الدينية .

ثم كان الانتشار من منطلق ثقافي واجتماعي حيث إن الإسلام أدى إلى تقارب هذه القبائل والشعوب وتعارفها وعمل على إزالة ما بينها من حواجز ليحل التفاهم والود والإخلاص محل الصراع والشقاق والخلافات ، ودعت الحاجة إلى ضرورة الاتصال والتفاهم والترابط في التعامل السلمي وكانت اللغة العربية هي وسيلة هذا الاتصال والتفاهم ثم تلا ذلك الانتشار الاقتصادي والسياسي الذي يتمثل في أن الشعوب الإفريقية التي تعربت في الشمال الإفريقي والتي ترجع إلى أصول عربية ، وبخاصة في الحجاز انفتحت بينها العلاقات عبر الصحراء تجارياً وسياسياً وامتدت على طرق الحج مما ألزمها باستخدام اللغة العربية كلغة تفاهم .

ولقد استطاعت اللغة العربية أن تثري لغات الشعوب والقبائل التي دخلت الإسلام بما لها من مميزات تفوق غيرها من اللغات كالألفاظ والمترادفات والمعاني والاستعمالات ، واستعارت تلك اللغات المحلية من العربية الكثير من الكلمات والاستخدامات التي استخدمها أهلها في أمور دينهم ودنياهم ، وأكملت العربية ما كان ينقص تلك اللغات المحلية من ألفاظ وكلمات وبخاصة بعد خروج أهل تلك اللغات من بيئتهم المحدودة إلى عالم أوسع انتشاراً .

ونعرض هنا لأهم اللغات الإفريقية بالنسبة لعدد المتكلمين بها وسعة انتشارها وعراقتها في التاريخ الإسلامي والتي تأثرت جميعها باللغة العربية عن طريق الاستعارة من كلماتها وألفاظها :

1. الهوسا : ويتكلم بها أكبر شعوب غرب إفريقيا عددا .

2. الماندي : ويتكلم بها الشعب الذي أنشأ مملكة مالي الإسلامية .

3. الصنغاي : التي أقام أهلها امبراطورية امتدت من ساحل الأطلسي إلى النيجر في الداخل .

4. الفولاني : التي انتشرت في أكبر رقعة في غرب إفريقيا .

5. الولوف : ويتكلم بها أكبر شعوب ساحل غرب إفريقيا .

6. الكاتوري : ويتكلم بها أكبر شعوب غرب إفريقيا وهم من أقدم الشعوب وأسبقها إلى الإسلام .

وتتراوح نسب استعارة الألفاظ العربية فهي تمثل 10% من لغة اليوربا ، 20% في لغة الولوف وما بين 40 – 50 % في لغات الهوسا والكاتوري والفولاني .

بيان توضيحي لنسبة الأقليات المسلمة في إفريقيا (معلومات من بداية التسعينات) :

1. زامبيا وبها 120.000 مائة وعشرون ألف مسلم بنسبة 2.4 % من مجموع السكان بها .

2. أنجولا وبها 900.000 تسعمائة ألف ونسبتهم 15% من مجموع السكان .

3. ناميبيا وبها 2400 ألفان وأربعمئة مسلم ويشكلون 0.4% من مجموع السكان .

4. ليسوتو وبها 50.000 خمسون ألف مسلم ويشكلون 5 % من مجموع السكان .

5. اتحاد جنوبي إفريقيا 400.000 أربعمائة ألف مسلم ونسبتهم 2 % من مجموع السكان .

6. سوازيلاند وبها 25.000 خمس وعشرون ألف مسلم ويشكلون 5 % من مجموع السكان .

7. بتسوانا وبها 30.000 ثلاثون ألف مسلم ويشكلون 5 % من مجموع السكان .

8. جزر سيشل 500 خمسمائة مسلم ويشكلون 1 % من مجموع السكان .

9. جزر ريونيون 80.000 ثمانون ألف مسلم ويشكلون 20 % من مجموع السكان .

10. كابيندا 5.250 خمسة آلاف ومائتان وخمسون مسلماً ويشكلون 3 % من مجموع السكان .

11. ليبيريا وبها 1.086.000 مليون وست وثمانون ألف مسلم ويشكلون 30% من مجموع السكان .

12. غانا وبها 2.808.000 مليونان وثمانمائة وثمانية آلاف مسلم ويشكلون 30% من مجموع السكان .

13. غينيا الإستوائية وبها 105.000 مائة وخمسة آلاف مسلم ويشكلون 35% من مجموع السكان .

14. كينيا وبها 3.850.000 ثلاثة ملايين وثمانمائة وخمسون ألف مسلم ويشكلون 35% من مجموع السكان .

15. موزمبيق وبها 1.750.000 مليون وسبعمائة وخمسون ألف مسلم ويشكلون 35% من مجموع السكان .

16. الكونغو وبها 60.000 ستين ألف مسلم .

17. مالاجاس وبها 1.750.000 مليون وسبعمائة وخمسون ألف مسلم ويشكلون 25% من مجموع السكان .

18. زيمبابوي ( روديسيا ) وبها 20.000 عشرون ألف مسلم .

19. مالاوي وبها 1.750.000 مليون وسبعمائة وخمسون ألف مسلم ويشكلون 35 % من مجموع السكان .

20. أوغندا وبها 4.400.000 أربعة ملايين وأربعمائة ألف مسلم ويشكلون 40 % من مجموع السكان .

21. بورندي وبها 1.000.000 مليون مسلم ويشكلون 25% من مجموع السكان .

22. زائير وبها 2.400.000 مليونان وأربعمائة ألف مسلم ويشكلون 10% من مجموع السكان .

23. رواندا وبها 240.000 مئتان وأربعون ألف مسلم ويشكلون 6% من مجموع السكان .

24. أقليات ضئيلة متناثرة في غرب إفريقيا 1.188.810 مليون ومائة وثمان وثمانون ألفاً وثمانمائة وعشر مسلم موزعة في غرب إفريقيا .

وبذلك يبلغ مجموع الأقليات المسلمة في إفريقيا 24.289.960 أربعة وعشرون مليوناً ومائتان وتسعة وثمانون ألف وتسعمائة وستون مسلماً وهذا العدد موزع على ( 31 ) إحدى وثلاثين وحدة سياسية أكثرها مستقل وأقلها وهو الجزر المتناثرة في المحيطات لا تزال تخضع للسيطرة الأجنبية وهذه الوحدات السياسية قليلة السكان بوجه عام.

بيان بالأقليات المسلمة التي تعيش في جزر المحيط الأطلسي تجاه غربي إفريقيا :

1. جزر الرأس الأخضر وبها 527.000 خمسمائة وسبع وعشرون ألف مسلم يشكلون 11 % من مجموع السكان .

2. جزر الأزور وبها 516.000 خمسمائة وستة عشر ألف مسلم يشكلون 5 % من مجموع السكان .

3. جزر ماديرا وبها 30.000 ثلاثون ألف مسلم ويشكلون 10 % من مجموع السكان .

4. جزر برنسيب وسان تومس وبها 15.750 خمسة عشر ألف وسبعمائة وخمسون مسلما يشكلون 21 % من مجموع السكان .

5. جزر أنوبون وبها 30.000 ثلاثون ألف مسلم يشكلون ما نسبته 25% من مجموع السكان .

6. جزر الخالدات الكناري وبها 70.000 سبعون ألف مسلم يشكلون 7 % من مجموع السكان .

7. جزر القديسة هيلانه 60 ستون مسلما يشكلون 1 % من مجموع السكان .

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف ركن الدعوة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.