قصيدة: أحمد ، من ديوان لعيونك يا قدس للشاعر الدكتور ياسر العيتي

ياسر العيتي ليس مجرد اسم … ليس فقط .. الطبيب والمفكر والشاعر والإنسان .. بل أمة في رجل .. ومنارة حق .. ولا يكاد يمر يوم إلا وطيفه يهز قلبي بما خطته روحه وكلماته في الدرب الطويل … وفي الذكرى الستون للنكبة لم يكن أمامي إلا طيفه يطل من وراء القضبان وكلمات ديوانه الصغير: لعيونك يا قدس … واستمعت إلى فقرات من خطاب طاغوت العصر البوش الأميركي في الكنيست، يريد أن يفرض على الإسلام والمسلمين فكر التوراة الزاحف .. ذلك الخطاب الذي قد لا يجرؤ الحاخامات على ذكر مثله والذي لم تستثمره قناة عربية لتفضح التآمر المخيف .. فعاد إلي طيف ياسر وكلماته الآسرة ، وعدت إلى مقدمة الديوان التي كتبتها لأخي الحبيب ياسر .. وها أنا أعيد نشرها مرة أخرى مشفوعة بإحدى فرائد قصائده .. وهي تحكي قصة فتى الإسلام أحمد ….

مقدمة ديوان : لعيونك يا قدس …

اللهم لك الحمد دائماً كما تحب وترضى.
وبعد : فمادام الظلم يملأ الأرض؛ لابد من أن ندندن في كل وقت حول الجهاد والشهادة والثبات ، والحرب على كل ظلمٍ وذل وقيد ، ومثل حد السيف تأتي الكلمات الملتهبة تنسف من القلب نسفاً كل ما خالطه من الجبن ، وحب الدنيا الفانية ، وما زرعه عبيد الطغاة من وهن وضعف في النفوس.

مادام الظلم يملأ الأرض ، ومادامت أصابع الحقد الصهيوني على الإسلام تمتد سراً وجهراً ، فستبقى كلماتنا وكل نَفَسٍ فينا يشتعل على الغاصبين جمراً وناراً ، ولعيونك يا قدس سنغني وننشد ، وقد جعلنا مع كل حرف من حروفنا ضميمةً من أرواحنا.

مادام الظلم يملأ الأرض .. فلا بد للحق أن يتكلما ، والرمح والقلم سفيران له .. يحملان جذوته فينثرانها نثراً في قلوب ظامئةٍ إلى طبيب يداوي ، وفجرٍ لابد أن يأتي وإن طال القدوم .

وهكذا كلمات ياسرٍ ..
فيها مهارة الطبيب ، وبشارة الفجر القادم ، ولوعة المرابط يترقب انبلاج الصباح.
مع ياسرٍ نمضي نزغرد في عرس الجنوب .. ولن نخجل من البوح عن عشقنا للشهادة ، وسنجهر ببغض الظالمين فكل ذرة فينا تبغضهم ، وسننقش على أرواح أبنائنا وصية الليث الهصور ، وفي أعماق أعماقهم سنزرع العزة والشموخ كيلا يصغي واحد منهم إلى وصايا الأنعام والخراف.

مع ياسرٍ سنعتصم بحبل الله ونعود إليه تائبين مفتقرين ضارعين ، نجدد الإيمان.
وفي أعتاب القائد الهادي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، سنقف جنوداً وتلامذة تسقي العبرات وجوهنا ، وتغسل أنوار النبوة ما شربناه من عكر الجاهلية ، فنوقن أنه لولاه لم يشدُ بالإيمان شادينا ، وعندما تلوح مآذن الشام الشامخة فلن نقوى على كتمان الهوى ، فثمة عين الحبيب المصطفى تلحظ ، وعمودٍ للكتاب يوضع ، وتحت ظلال الكتاب سنتعلم الكثير الكثير من فنون العشق للحق والاستقامة والترفع عن الدنايا وأنه بالإسلام وحده ستصلح الأرض والحياة.

لقد غلب على أفهام الناس أن السيف َ أصدقُ أنباءً من الكتب ، ولكن من قال أن السيف يفري من دون كلمة تقوده ، وروح تشعله ، ومعانٍ تقلقل هدأته.
مع الصبح القريب سيتقدم عشاق الشهادة تحدوهم أناشيد الجهاد ، ولأنين القدس فستصخي الأرض كلها ، وعندها فستسمع الدنيا بمن فيها هدير كتائب الإيمان تحمل الفتح المبين.

عذراً أخي الحبيب ياسر ، أتيتكَ وأنت الطبيب لكي تصف لي دواء ، فأشعلتَ في قلبي ما ليس له دواء ، وطلبتَ مني أن أكتب مقدمة لديوانك ” لعيونك ياقدس” وهاأنا ذا أعتذر ، فلقد كان الجمر الذي في معانيك أبلغ من كل ما يمكن كتابته من الحروف والكلمات.

أحمد معاذ الخطيب الحسـني

قصيدة :

أحمد …

سأحكي لكم يافتية الإسلام
قصة أحمد
فتى توهج الإيمان في قلبه وتوقد
فتمرد …
وقرر أن يحرق الكفر بناره
وأن يسير في طريق الجهاد
ليسعد
ورأى أنه سينال المنى.. كل المنى
إن هو استشهد ..
لبس أحمد .. ثوباً أسود
ثم أمسك بإباء
عصابة بيضاء
كتب عليها بلون الدماء
لاإله إلا الله … محمد رسول الله
عصب أحمد رأسه
وهيأ نفسه
لينفذ أخطر عملية
من هناك .. ستمر الدورية
وعندها سيهجم أحمد ..
يقذف قنبلة يدوية ..
تتبعها رشات نارية ..
وبعدها قد يعانق النصر
وقد يعانق الحورية
عصب أحمد رأسه
وهيأ نفسه
وقف يصلي أربع ركعات
وفي الصلاة
سقطت دمعه
تبعتها دمعات
أحمد يبكي .. أحمد مشتاق
مابينه وبين الجنة .. إلا ساعات
وبعد الصلاة
عانق أحمد رشاشه
وشد عصابة رأسه
ومضى ابن العشرين
كملاك رصين
يزرع الأرض شوقاً وحنين
إلى الجنة .. إلى الكمين
وفي الكمين .. جلس أحمد ..
يحدق بعيون صقرية
ينتظر مرور الدورية
قلبه يخفق بالدقات
ينتظر هدير العجلات
أسرعي .. أسرعي ..
أحمد مشتاق
مابينه وبين الجنة .. إلا لحظات
أحمد يسمع صوت هدير فيهدأ
وكلما اقترب الصوت .. يصبح أهدأ
أحمد لا يخاف الموت .. ولا يعبأ
لكنه يهيأ
ليفرغ سخطه في الأعداء
ويملأ الأرض والجو
ناراً ودماء
أحمد أصبح مثل الصخرة .. لا يتحرك
وبعد ثوان
سينفجر كبركان
الآن .. الآن
أحمد يقفز من مكمنه .. يلقي قنبلة
ينبطح .. يشد على الزناد
أحمد يزأر
الله أكبر .. الله أكبر
وفي الصباح
طلعت الشمس
على جسد مسجى
فيه ألف طلقة
ومئة شظية
ويد على الزناد مشدودة
وأخرى ممدودة ..
تصافح الحورية.

من ديوان لعيونك ياقدس ، للدكتور ياسر العيتي ، المكتب الإسلامي – بيروت 1422هـ/2001م

هذه التدوينة كُتبت في التصنيف مقالات القراء, منائر. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

التعليقات مغلقة.