عار المؤسسة الدينية المصرية

عبد السلام البسيوني

اسمحوا لي أن أعلن احترامي للأزهريين الشرفاء، الذين خرجوا بدوافع ذاتية، مناصرين للثورة، والذين كان حضورهم طوال أيام الثورة ظاهرًا باهرًا..

واسمحوا لي أن أعلن احترامي للسيد محمد رفاعة الطهطاوي المتحدث الرسمي باسم الأزهر، الذي استقال، ليتكلم بحرية.. مؤكدًا أنه لن يترك الميدان إلا برحيل الرئيس مبارك عن الحكم.

واسمحوا لي أن أعلن اعتزازي بالأزهري الكبير الإمام الأكبر القرضاوي الذي يعد غرة في جبين الأمة وأزهرها، والذي تأخرت عليه المشيخة طويلاً لتعطى لأمثال الطيب وطنطاوي وبيصار!

وأعتذر إذا أغضبت هذه المقالة بعض القراء؛ فإنني أرجو أن تكون كلمة حق، ونفثة متحسر، وآهة وجع!

تأمل معي قارئي الحبيب:

خرج القضاة صفوفًا صفوفًا رافضين القهر والبلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج أساتذة الجامعة صفوفًا صفوفًا رافضين البلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج الصحفيون صفوفًا صفوفًا رافضين القهر والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج المحامون صفوفًا صفوفًا رافضين القهر والبلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج الشباب صفوفًا صفوفًا رافضين القهر والبلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج الحزبيون صفوفًا صفوفًا رافضين القهر والبلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج الفنانون والمغنون والرقاصون والهجاصون (بعد أن صهرتهم الثورة، وصقلتهم، وأطلقت أفضل ما فيهم) صفوفًا، رافضين البلطجة، والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج الإخوان والسلفيون والأزهريون (المستقلون) والمتدينون والصيع صفوفًا صفوفًا؛ رافضين القهر والبلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

وخرج عدد من أقباط مصر ……… على الأقل في الأسبوعين الأولين – لمناصرة الثورة ودعمها..

بل حتى بتوع الأمن خرجوا – بعد أن اتضحت لهم الرؤية - صفوفًا صفوفًا، رافضين القهر والبلطجة والاستبداد الفرعوني غير المبارك!

خرجت الطوائف كلها إلا المؤسسة الأرنبية الداجنة.. المؤسسة الدينية الرسمية بجناحيها!
بل كانت مواقفها مخزية، وعارًا على مصر، والأزهر، والكنيسة، والثورة، والحقيقة!

شنودة ينفجر باكيا لسقوط الرئيس الوطني الديمقراطي جدًّا حسني مبارك – كما كتبت المصريون - الذي كان عونًا كبيرًا للطائفية، والتحريش والاحتقان بين المسلمين والنصارى، والذي لفق – بتدبير حبيبه - التفجيرات، ونصب الفخاخ لإشعال الأجواء، وسحْبِ الخارج المشبوه، ليتدخل في مصر، ويقلق أمنها، ويعرضها لمخاطر مريعة.. مستعينًا بالهوامين والقوارين والبلطجية وسفاحي أمن الدولة المجرمين، الذين كانوا يعزفون على أنغامه، ويحطبون في حباله!

• وأخونا الإمام الأكبر الطيب .. ولا هنا!

• وأخونا المفتي علي جمعة ودن من طين وودن من هباب!

• وأخونا زقزوق مطنش!

• وأخونا رئيس جامعة الأزهر مكبر راسه!

كأن مصر غير مشتعلة، وكأن البلطجة لا تجتاح الوطن..

وكأن الشباب لا يتساقطون..

وكأن إرهابيي وسفاحي أمن الدولة لا يثيرون الرعب، ولا يختطفون الشباب تنكيلاً وترويعًا وتعذيبًا وقتلاً..

وكأن القناصين لا يسكنون أسطح العمارات؛ لاصطياد الشباب الخضر..

لماذا تجاهلوا المنهج الأزهري التاريخي العظيم، الذي من رحاب مسجده الأكبر كانت تنطلق الثورات، وتتحرك الأمة، ويقود المشايخ الناس، ثائرين وسابقين وموجهين..

ومتناسين ما سنّه جهابذة علماء الأزهر كالمشايخ الكبار حسونة النواوي، وحسن الطويل، وعبد المجيد سليم، ومحمد بخيت المطيعي، والمراغي، والغزالي، وأبو زهرة، وغيرهم كثير!

دخل رياض باشا رئيس وزراء مصر على الشيخ حسن الطويل العالم الأزهري وهو يدرس لطلابه بدار العلوم، فما غير موقفه أو بدل جلسته، وحين هم رياض بالخروج قال له الشيخ: لماذا لا أكون وزيرًا معكم يا باشا؟! فدهش الزائر وقال: أي وزارة تريد؟ فقال: وزارة المالية؛ لأستبيح من أموالها ما تستبيحون!

وكانت لطمة أليمة توجه إلى حاكم ارستقراطي لم يألف التهكم والاستخفاف! فخرج ثائرًا مهتاجًا، وآثر ألاَّ يزور مدرسة أو معهدًا بعد ذلك!

وطُلب منه أن يرتدي ملابس خاصة يقابل بها الخديو توفيق، وحان الموعد المرتقب، فجاء بملابسه المعتادة، ومعه منديل يضم الملابس الرسمية، ثم قدمها للخديو قائلاً في بساطة: إن كنت تريد الجبة والقفطان فهاهما ذان، وإن كنت تريد حسن الطويل فها أنذا حسن الطويل!! ثم قال الشيخ لجلسائه: كيف أتجمل لتوفيق بلباس لا أتجمل به لربي في الصلاة؟

هل أزيد من إيراد نماذج من الأزهريين وعلماء الدين الشرفاء؟!

خذ يا سيدي: دخل إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر المسجد الأموي، حين كان الشيخ سعيد الحلبي يلقي درسه في المصلين. ومر إبراهيم باشا من جانب الشيخ، الذي كان مادًّا رجله، فلم يحركها، ولم يبدل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظًا شديدًا، وخرج من المسجد وقد أضمر في نفسه شيئًا.

ولأنه كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبوابًا من المشاكل لا قبل له بإغلاقها، فقد هداه تفكيره إلى طريقة ناعمة ينتقم منه بها، طريقة الإغراء بالمال، فإذا قبله الشيخ فكأنه يضرب عصفورين بحجر واحد، يضمن ولاءه، ويسقط هيبته في نفوس المسلمين، فلا يبقى له تأثير عليهم.

وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إليه مبلغًا يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب من وزيره أن يعطي المال للشيخ على مرأى ومسمع من تلامذته ومريديه.

وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد، واقترب من الشيخ وهو يلقي درسه، فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل من حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبية يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك.

ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بني، عد بنقود سيدك وردها إليه، وقل له: إن الذي يمد رجله، لا يمد يده.

إن الذي يمد رجله، لا يمد يده! هكذا كانوا.. صح يا طيب!؟

ومولانا الطيب رجل رسمي (شاطر) في استخدام ألفاظ الحزب الوطني (لقد سبق الأزهر كل الأصوات التي تركب الموجة الآن، وتتاجر بالدين والأخلاق (!) وتنتهز الفرصة لإفراغ أحقادها وسمومها السوداء (!) على الأزهر وعلمائه الشرفاء، سبق الأزهر الجميع، حين طالب بحق سائر القوى السياسية (دون إقصاء) فى إجراء حوار فورى يهدف إلى احتواء الأزمة ورأب الصدع (!) متى أيها الطيب؟

دون إقصاء!!؟ يا خبر! ألست أنت رجلاً إقصائيًّا هددت أساتذة في الجامعة العتيدة - أيام كنت رئيسها – يخالفون دروشتك، بإبعادهم، وقلتها لهم صريحة: لا مقام لكم فارجعوا!؟

ما الفرق بينك وبين بيصار خادم اتفاقية كامب ديفيد، ومحمد سيد طنطاوي العجيب الغريب، اللذين وافقا مبارك ودعوا له، وأيدا منهجه؟

وأين الأخ زقزوق موحد القطرين - أقصد موحد الخطبة والأذان - وحاشد الجهود ضد الإسلام الراشد المؤثر، ومقلص دور المسجد والخطبة والعلماء؟

أين زقزوق القائم بأمر وزارة الداخلية، وصاحب الجرأة المشهودة في التعدي على أحكام الدين، وذو الباع الطويل في التهجم والتهكم على أهل الشريعة، والترقيع لأهل الحزب الوطني، والسير وفق ما يشتهون، وهو من ذلك الكورال المردد لتوصيات الحكومة عمومًا، والذي وضع كثيرًا من الأمور الشرعية الواجبة والمستحبة ضمن سياق العادات لا العبادات، كجواب سهل وماكر يشتت السائلين، ويجعلهم يتشككون في كثير من أمور دينهم وتكاليفه، فينظرون إليها أنها من عوالق الجاهلية، فيزدادوا جهلاً على جهلهم، وابتعادًا عن الإتيان عن أوامر الله، وهو ما أهَلَّهُ للارتقاء إلى هرم وزارة الأوقاف، ومَكَّنَهُ من المكوث فيها كوزير ما يقرب من أربعة عشر عامًا (!) كقربان خضوع واستسلام يقدمه كل من أراد الاقتراب من أهل الرياسة، كما كتب محمود ناجي الكيلاني!

وأين علي جمعة الهجام السباب الجريء ذو الألسنة السبعة، الذي لا يرى غير نفسه وطريقته ودروشته؟ أين علي جمعة (شيخ الطريقة) الذي ناشد المتظاهرين في كل المدن - وخاصة في ميدان التحرير - العودة إلى بيوتهم، بعد أن استجاب الرئيس حسنى مبارك في بيانه للإصلاحات التي طالبوا بها (!) حتى تستمر الحياة، وحتى تتجنب مصر شر الفتنة (!).

والذي حيا الزعيم العادل الرحيم مبارك (الذى عرض الحوار، واستجاب لمطالب الشعب (!) ودعا الجميع إلى أن يتركوا الشرعية تعمل، وأن المظاهرات دعوة إلى الفوضى، وإلى الفتنة، وإلى عدم الاستقرار.

والذي قال إن ما يحدث فتنة وطريق مظلم، يؤدى إلى حرب أهلية، وإلى إهدار جموع الناس ودمائهم، والاعتداء على أموالهم، وإن هذه الطريقة العجيبة ليس فيه تقوى (!) والذي خاطب الناس في البيوت، وفى الشوارع كي يمنعوا أولادهم، ويسحبوهم من الشوارع، وأن الدين للهداية وليس للاستغلال السياسي، وليس سلمًا نصل به إلى الأغراض الدنيوية!! وأن الذى يحدث مرفوض بكل المقاييس.

وأين الأخ (شيخ الطريقة) ذو الصوت الزاعق أحمد عمر هاشم، عاشق (السيد البدوي المهاب، الذي إن دعي في البر والبحر أجاب!) والذي جففت في عهده مناهج جامعة الأزهر، ومعاهده، بمشاركة (طيب الذكر) الطنطاوي، والذي كان حاضرًا في كل مناسبة سياسية، بحكم كونه أيضًا (شيخ طريقة) وعضوًا في مجلس الشعب الفاسد، والحزب الوطني الفاجر، ومجلس الشورى المفضوح!

وأين رؤساء جامعة الأزهر المدجنون من قبل أحمد عمر هاشم، مرورًا بالطيب، وصولاً إلى الأخ الرئيس الحالي عبد الله الحسيني، حرسه الله، الذي أطلق أول تصريح له – بعد توليه الرئاسة - بلغة أمنية كأنه حبيب العادلي، أو مدير أمن الدولة: (وسيتم الوقوف لها بالمرصاد/ أي خروج عن تقاليد وأعراف وقوانين وثقافة الأزهر سيتم مواجهته بالحزم والقانون “يقصد النقاب”/ أرفض بشدة أية محاولة لاختراق الجامعة ثقافيا أو فكريا، برؤى تخالف توجهات الأزهر الشريف)، والذي ثبّت الأمن في الجامعة، وبرر العدوان الهمجي على الطالبة الأزهرية سمية أشرف، مبيضًا صفحة الضابط البلطجي المجرم الذي ضربها بخرطوم، وأصابها بنزف داخلي، وسبها بألفاظ سوقية حقيرة).

ألم تلحظوا أنهم كلهم تقريبًا دراويش وشيوخ طريقة؟! ماذا يحمل هذا من دلالات!؟
استقيلوا يا رحمكم الله.. واغربوا عن وجوهنا.. واستخلفوا أزهريين منصفين علماء، ذوي همم رفيعة، ومواقف تبقى لهم عند الله تعالى وعند عباد الله!

استقل يا طيب.. انصرف يا جمعة.. انقلع يا زقزوق.. ارحل يا عبد الله الحسيني.. تب لربك يا هاشم..

اصح يا أزهر.. وعد لأمجادك.. [email protected]
بتصرف يسير

كُتب في المناهج | التعليقات على عار المؤسسة الدينية المصرية مغلقة

مراجعات على خطاب ما بعد الثورة – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي

صحيفة الشرق القطريه الثلاثاء 12 ربيع الأول 1432 – 15 فبراير 2011

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/02/blog-post_15.html

 

بعض الأفكار المتداولة في الساحة المصرية بعد الثورة تحتاج إلى مراجعة وتصويب، لأنني أخشى أن يدفعنا الحماس إلى الوقوع في الغلط..

وفي اللحظات الراهنة فإن الغلط مشكلة، وما ينبني عليه مشكلة أكبر.
(1)ثمة نكتة رائجة في مصر تقول إن الرئيس مبارك التقى الرئيسين جمال عبد الناصر والسادات في السماوات العلى، فسألاه: سُم أم منصَّة، فرد عليهما باقتضاب قائلا: فيس بوك، وهو كلام إذا جاز في مقام النكتة فإنه حين يساق في ذكر الحقيقة يصبح بحاجة إلى وقفة، ذلك أن كثيرين باتوا يعتبرون ما جرى ثورة الفيس بوك، بما يعطي انطباعا بأنه لولا تلك الأداة في التواصل بين النشطاء، ومعها «تويتر»، لما انفجر غضب المصريين ولما قامت ثورة 25 يناير. ولا أحد يستطيع أن ينكر أهمية الدور الذي لعبه الاثنان في العملية، لكننا لا ينبغي أن نبالغ في تقدير الدور الإلكتروني في تقييم الثورة.ذلك أن فيس بوك وتويتر هما ضمن أدوات وقنوات الاتصال الحديثة، التي تساهم في النشر والبث غير المؤسسي.. بمعنى أنها لا تخضع للمعايير المهنية المتعارف عليها في وسائل الإعلام المعروفة، وتعتمد أساسا على ما ينشره المستخدمون، وذلك أهم ما يميزها..

لكنها تظل في نهاية المطاف مواضع تساهم في النشر والتواصل شأنها في ذلك شأن أي وسيلة أخرى، كالرسائل النصية للهاتف المحمول، وقنوات التلفزة وحتى الهاتف الأرضي.

أدري أن ما نشره الوسطاء والمستخدمون العاديون على الفيس بوك وتويتر أسهم بشكل رئيسي في إيصال كم كبير من المعلومات المهمة والصور ومواد الفيديو.. إلخ.. أدري أيضا أن صفحة «كلنا خالد سعيد» على الفيس بوك مثلا ضمت نحو نصف مليون مستخدم وكانت تنشر كل ما له صلة بالاحتجاجات والمظاهرات المناوئة للنظام، وحتى ما ليس له صلة بقضية خالد سعيد، مما أسهم في تشكيل وعي الكثيرين أو تحفيز آخرين للتحرك، لكن يجب الانتباه إلى أن الملايين التي خرجت في المظاهرات المليونية في أنحاء مصر، وهي تعلم أنها ستواجه ببطش الأمن وذخيرته وهراواته أو قد تعتقل، هذه الملايين لم تجازف بأمنها وحياتها ولم تتحرك بهذا الشكل الجماعي في هذه الملحمة التي استمرت 18 يوما، لم يكن فيس بوك هو الذي دفعهم إلى الثورة التي تعارف كثيرون على وصفها بأنها «ثورة شباب الفيس بوك».
وهي المقولة الرومانسية التي تناقلتها الألسن، والتي أزعم أنها تبخس جموع الشعب العظيم حقها.. فلا كان فيس بوك مفجر الثورة ولا كان الشباب وحده رجالها ووقودها، وإنما هي ثورة الشعب المصري بكل فئاته العمرية وبكل أطيافه: الرجال والنساء، الكبار والصغار، المسلمون والأقباط، الأغنياء والفقراء.. هؤلاء جميعا انتفضوا ولم يتحركوا من فراغ، وإنما حركهم شعورهم بالمهانة ودفاعهم عن كرامتهم وكبريائهم. ولم تكن رغبتهم في التغيير ولا إدراكهم لضرورة التخلص من النظام قد تشكلا بين ليلة وضحاها. ولكن ذلك كان ثمرة الشعور الدفين بالظلم والتعبئة المضادة التي دعت إلى التمرد ورفض الاستبداد والقبح من قبل كثيرين ممن صمدوا وأصروا على تحدي الخطوط الحمراء وتجاوزها. وظل ذلك المخزون جاهزا للانفجار، وحين لمعت في الأفق ثورة شعب تونس، وأدرك الجميع أنهم أقوى من كل المستبدين، فإن المصريين نهضوا وقرروا أن ينتزعوا حقهم بأيديهم دون انتظار مخلص أو بطل.
(2)لقد قيل بحق إن مما يميز الثورة المصرية أن الشعب هو الذي استدعى الجيش وليس العكس، كما قيل إن الجيش في موقفه كان وفيا للشعب، وقائما بدوره التاريخي كحارس للوطن.. ورغم أنني لا أختلف في كلمة مما سبق، فإنني أرجو أن نضع الأمر في نصابه الصحيح، لكي نحفظ للجيش مكانته ودوره ولا نحمله بأكثر مما يحتمل.
في غمرة حماسنا لدور الجيش وحفاوتنا به دأب بعضنا على القول بأن الجيش ضامن للشرعية في مصر. ولم يكن ذلك رأي نفر من المثقفين البارزين فحسب، ولكن ذلك ما قال به بعض كبار المسؤولين الجدد في البلد. وأعترف بأنني لم أسترح لهذه المقولة، رغم تقديري لموقف الجيش المصري أثناء الثورة وسعادتي بدوره الذي أسهم في رحيل الرئيس السابق.ذلك أنني ما إن سمعت هذا الكلام حتى قلت: هل يمكن أن يصبح الجيش ضامنا للشرعية والحقوق في بلد كإنجلترا مثلا؟

ولماذا يكون الشعب هو الضامن والحارس في إنجلترا في حين أن الجيش هو الذي يقوم بذلك الدور في مصر؟
لم أكن بحاجة لبذل جهد لكي أخلص إلى أن الشعب يصبح الضامن والحارس لحقوقه في الدول الديمقراطية، التي للشعب فيها كلمة وهو الذي يعين قادته ويعزلهم، أما الدول غير الديمقراطية التي يغيب فيها الشعب ولا يسمع له فيها صوت فإن الجيش يصبح هو القوة الأكبر وهو «الكفيل» الذي يرشح لحماية الشرعية التي تتمثل في النظام المهيمن الذي لا رأي للشعب في اختيار رموزه أو عزلهم.

لدينا نموذجان لدور الجيش من حولنا، الأول في تركيا الذي ظل فيها الجيش وصيا على المجتمع والسياسة لأكثر من سبعين عاما، من ثلاثينيات القرن الماضي حتى بداية القرن الجديد، حيث ظل بمثابة الحكومة الخفية التي تدير السياسة وتراقب الحكومات وتعزلها، إلى أن وصل حزب العدالة والتنمية، إلى السلطة عام 2002، وعمل على تقليص دور الجيش ووضعه في حجمه الطبيعي ونجح في ذلك.
النموذج الثاني في الجزائر التي لا يزال الجيش فيها صاحب القرار في السياسة منذ الاستقلال بداية الستينيات وحتى هذه اللحظة.

ورغم الدور البطولي الذي قام به الجيش في كل من البلدين، إلا أن الجيش في البلد كان واحدا من حيث الدور البطولي الذي قام به في تحرير البلاد، فإن الهامش الديمقراطي النسبي الذي توافر لتركيا سمح بتقوية المجتمع وتعزيز عافيته بحيث تمكن في نهاية المطاف من تحجيم دور الجيش،

في حين أن تراجع ذلك الهامش في الجزائر أدى إلى زيادة تمكين الجيش وتعاظم دوره هناك طول الوقت.

إن السؤال الذي نحن بصدده الآن هو: هل يصبح الجيش وصيا على المجتمع كما هي الحال في الجزائر وكما كان في تركيا الكمالية، أم يكون إحدى مؤسسات المجتمع التي تؤدي واجبها في تأمينه وليس الوصاية عليه؟

لقد قرأت مقالا نشرته صحيفة «ملِّليت» التركية في (2/7) قال فيه كاتبه قدري غورسال إن مصر في وضعها الجديد بعد الثورة ستخرج من حكم العسكر الديكتاتوري إلى وصاية العسكر على حكم برلماني متعدد الأحزاب، وبذلك فإنها تحتذي نموذجا تركيا متخلفا تم تجاوزه في ظل حكم حزب العدالة والتنمية.

سيكون رأي الكاتب التركي صائبا في حالة واحدة، هي ما إذا ما ظل سقف الحريات في مصر منخفضا وبقي المجتمع على ضعفه وقلة حيلته، ومن ثم يصبح بحاجة إلى «الكفيل» يأخذ بيده، الأمر الذي ينصب الجيش في دور الضامن والوصي.
(3)مثلما.. يقلقني المبالغة في دور الجيش، تثير الارتياب عندي الأولوية التي تعطي في مرحلة الانتقال الحالية لفكرة تعديل الدستور، ولا يستطيع عاقل ــ فضلا عن دارسي القانون ــ أن يقلل من أهمية الدستور بأي حال. وأرجو أن تلاحظ في هذا الصدد أنني أتحدث عن الأولوية التي تعطى لذلك الملف وليس مبدأ النظر فيه. يؤيد ذلك الارتياب أن الخطوة الوحيدة التي نالت قسطا من الاهتمام في مرحلة التردد والتسويف التي سبقت تنحية الرئيس مبارك كانت فكرة تشكيل لجنة لتعديل الدستور.. التي صدر بها قرار رسمي، وبدأت عملها بالفعل، وتحددت المواد المطلوب تعديلها، وهو ما أفاض فيه السيد عمر سليمان حين تحدث عن الإنجازات التي حققها استجابة لطلب المتظاهرين، والتي كان في مقدمتها إجراء الحوار وتشكيل لجنة تعديل الدستور، والخطوتان كانتا من قبيل الفرقعات الإعلامية الفارغة. وقد قيل عن حق إن المراد بهما لم يكن لا إجراء حوار أو تعديل الدستور، إنما كان للعملية هدفان،

الأول هو التجمل أمام العالم الخارجي الضاغط وإيهام عوام الغرب بأن النظام شرع في الإصلاحات فعلا ولم يعد هناك مبرر لتغييره، أما الهدف الثاني فقد كان كسب الوقت وإطالة عمر النظام لإنهاك المعتصمين والمراهنة على الوقت لإنهاكهم واستنزافهم.
هذا الكلام ليس من عندي، ولكني سمعته من أحد أعضاء لجنة الفقهاء القانونيين التي شكلت للنظر في تعديلات الدستور. وخلال المناقشة معه حاولت إقناعه بأن أي نظر في الدستور أو تعديل له ينبغي أن يسبقه إطلاق الحريات في المجتمع، بما يسمح بإلغاء الطوارئ وحرية تأسيس الأحزاب، ورفع القيود عن النقابات وحرية إصدار الصحف، وغير ذلك من الإجراءات التي تفتح الأبواب واسعة لحضور القوى السياسية وتفاعلها مع الجماهير، بما يسمح في نهاية المطاف بالاحتكام إلى رأي الجماهير في انتخابات نزيهة وشفافة.
إن تعديل الدستور، في ظل استمرار الطوارئ وتكبيل مؤسسات المجتمع بالقوانين المقيدة للحريات لن يحدث تقدما يذكر في البناء الديمقراطي، في حين أن إطلاق الحريات من شأنه أن يسمح بظهور خيارات وبدائل عدة أمام الناس، تكون أصدق تعبيرا عنهم.
إن تعديل الدستور قبل إطلاق الحريات لن يختلف في شيء عن وضع تكون فيه العربة ولست أخفي شكي وسوء ظني بمن يحاولون إشغال الناس بنصوص الدستور المرشحة للتعديل، مع عدم التطرق لملف الحريات العامة، الأمر الذي أعتبره دليلا على السعي إلى التسويف وعدم الجدية في الإصلاح.
(4)لا أستطيع أن أحسن الظن أيضا بالذين لا يرون في الثورة الحاصلة سوى الإضرار بالوضع الاقتصادي، وتراجع عائدات السياحة ودخل قناة السويس، وعندي في هذا الصدد ملاحظات منها:
ــ أن تلك الآثار الاقتصادية جزء من الثمن الطبيعي الذي يدفعه البلد لتحقيق مكسبه الكبير المتمثل في إسقاط نظامه الاستبدادي، أملا في الانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي.. وإذا كان المئات قد دفعوا حياتهم لقاء تحقيق ذلك الكسب فيتعين علينا أن نحتمل أية أضرار اقتصادية تترتب على ذلك.
ــ أن الثورة استثمار للمستقبل كما قيل بحق، ذلك أنها إذا أوقفت نهب البلد واستنزاف ثرواتها، وفتحت الأبواب للإصلاح الحقيقي، فإن ذلك سيعوض أية خسائر اقتصادية راهنة. وينبغي ألا ننسى هنا أن لبنان ظل يشهد قتالا أهليا استمر ستة عشر عاما، ثم نهض بعد ذلك واستعاد عافيته وجاذبيته.
ــ أن الجميع مشغولون بالفساد السياسي في مصر، وهو هم ثقيل لا ريب أحسب أن الثورة نجحت في إزاحة أكبر دعائمه، لكن المسكوت عليه في أزمة مصر هو الخراب الاقتصادي الذي أحدثه وخلفه النظام السابق والذي ظل يتستر عليه ويخفي معالمه ويزيف الشهادات الدالة عليه طوال السنوات الأخيرة، وحين تعلن حقائق الواقع الاقتصادي فسوف يكتشف الناس أن الأزمة سابقة على الثورة، وأن الذين عاثوا في مصر فسادا طوال الثلاثين سنة الماضية مصوا دماءها وتركوها قاعا صفصفا.

لذلك كان لابد للنظام أن يزول بعد أن ضيع المكانة وخرّب المكان، ومن ثم ارتكب بحق مصر جريمة تاريخية مضاعفة ينبغي ألا تنسى وألا تتكرر

كُتب في المناهج | التعليقات على مراجعات على خطاب ما بعد الثورة – فهمي هويدي – المقال الأسبوعي مغلقة

المضاربة .. ظاهرة مفيدة أم خطيرة؟؟؟؟

المواطن وجبة خفيفة على موائد كبار المضاربين .. بقلم إيفيلين مصطفى

الأزمنة 245

تحذير: إن المضاربات في الأسواق الآجلة تحتوي على مخاطر جمة.. ليست المضاربة مناسبة لكافة الناس ويجب فقط استخدام الأموال التي قررت المجازفة فيها.. هناك احتمال كبير بالخسارة حين التداول بالعقود الآجلة والخيارات
Futures and options trading involves substantial risk, is not for everyone and only risk capital should be used.
There is a substantial risk of loss in trading futures and options.
هذا التحذير لم تصدره جهة حكومية في دولة من العالم الثالث لا تؤمن بحرية الأسواق, ولا صادر عن جمعية لحماية المستثمرين معظم أعضائها ممن فقدوا رؤوس أموالهم في أعمال مضاربة في الأسواق أكلت الأخضر واليابس من ثروتهم خاصةً في السنوات الأخيرة.
إنه تحذير فرضته الحكومة الأمريكية منذ أكثر من 15 عاماً ألزمت به شركات المضاربة والتعامل في الأسواق الآجلة أن تضعه على كافة مقارباتها للزبائن وعلى صفحاتها في الويب في الإنترنت بعد انتشار التداول عن طريق الإنترنت.
إن دل ذلك على شيء فهو يدل على أن التشريعات العربية لم تكن على المستوى المطلوب لحماية المواطنين من الوقوع في فخ الرغبة نحو الربح السريع, فتركت هذه التشريعات المواطنين عُرضةً شراك المُضاربين المحترفين ولم تكن مؤهلة لحمايتهم من الممارسات الخاطئة التي مارسها المُضاربون في الأسواق العربية.
لقد تم تصوير الأمر للمواطنين كأنه منحة أو مكرمة تم السماح لهم وفقها بالجلوس على مائدة الكبار لمشاركتهم الوليمة, دون أن يدروا أنهم تم دعوتهم إلى الوليمة لأنهم هم الوجبة فيها.. فلاعجب أن نشاهد مواطني دولة ينتقلون إلى دولة مجاورة ويصطفون في الدور قبل الفجر للاكتتاب على أسهم شركة بالرغم من المشقات تماماً كاصطفاف البعض على أفران الخبز.
إن الإحصاءات تُشير أن 90% من المتعاملين في تداولات المضاربة يخسرون يقابلهم 10% يربحون غالبيتهم من المحترفين, وبذلك تنتقل الثروات إلى الطرف الرابح والسوق تحتاج دوماً لمضاربين حديثي العهد بالمضاربة لتؤدي دورها.. لا يقتصر الأمر على ذلك بل هناك صناعة ناشئة يزداد حجمها يوماً بعد يوم تعتاش على ما يُلقى إليها من فُتات من المائدة, إنها صناعة شركات الوساطة المالية ومكاتب الاستشارات والتحليل المالي إضافةً إلى الأقنية المرئية المختصة فضلاً عن الشركات التي تؤمّن برامج الكمبيوتر المختصة والشركات التي تؤمّن الوصول إلى التداول اللحظي.. لقد استفادت من هذه الإحصائيات التي يتكتم عنها الكثير بعض الشركات فأخذت تنتشر في بعض البلدان العربية ظاهرة خطيرة وهي شركات التداول الافتراضية, وتم الترخيص لها تحت مسميات مختلفة مثل خدمات رجال الأعمال.. تقوم هذه الشركات باستغلال مبدأ أن غالبية المتداولين يخسرون فتقوم بفتح حسابات لأشخاص لديها وتزودهم ببرامج أصبحت متوفرة بكثرة في قبرص يتم وفقها الإيحاء إليهم أنهم يقومون بالتداول والمضاربة على السلع والعملات دون أن يكون هناك طرفٌ حقيقيٌ مقابلٌ للعملية موجوداً.. وبما أن أغلب المتعاملين يخسرون فإن محصلة عمليات كافة الزبائن ستكون لمصلحة هذه الشركة ,علماً أن قوانين التداول في الأسواق الآجلة في الولايات المتحدة تُلزم أي شركة وساطة بأن تعطي الزبون اسم الطرف الثاني الذي تمت الصفقة معه حين يطلب ذلك, أي لا تسمح الأنظمة بأن تكون التداولات من طرف واحد.
إن غياب القوانين الرادعة والضابطة لعمل الشركات التي تطرح أسهمها في الأسواق,جعل الكثير من هذه الشركات تُضارب على أسهمها في الأسواق, والأغرب من ذلك تقوم بإدراج أرباح هذه العمليات في حسابات أرباحها السنوية مما يزيد من التضليل في تقدير حقيقة أرباح هذه الشركات.
لقد تم إغفال أن بعض الأشخاص لديهم استعداد للإدمان على المضاربة, وثبت علمياً أن المُضاربة كغيرها من الأنشطة القائمة على الترقب والإثارة وإفراز الأدرينالين يُمكن أن تصيب صاحبها بالإدمان تماماً مثل القمار في الكازينوهات أو في مضمار السباق, وإلاّ كيف يُمكن تفسير سلوك من رهن بيته (حالات عديدة) ودخل في أسواق التسهيلات ولمّا خسر المنزل والقرض يقوم بالاقتراض من جديد مقتنعاً أنه أصبح لديه من الخبرة ما تجعله يتجنب الخسارة في المرة المُقبلة!!
لقد بدأ الكثير من العاملين والموظفين بالمضاربة وهم على رأس عملهم ثم سرعان ما قام الكثير منهم بترك عمله الأساسي ومنهم من تقاعد مبكراً وقبض تعويضاته التي أضاعها كلها في المضاربة.. ولنُدرك حجم المشكلة يكفي أن نعلم أنه تم إرسال تعميم في دولة خليجية إلى كافة منافذ الحدود تلفت النظر أنه تم ملاحظة أن الكثير من عمليات التهريب تحصل أثناء ساعات التداول اليومي للأسهم وحضّ القائمين على هذه المنافذ بالانتباه إلى هذا الأمر وتفويت الفرصة على المُهربين!
لقد وقف وزير دولة خليجية أمام الكاميرات وخاطب من يطالب الحكومة بالتدخل في الأسواق وقال كيف تطلبون الدعم بعد أن غامرتم بأموالكم ؟ما هكذا تُعالج الأمور ولا يجب شيطنة الأمر.. أليست الحكومة هي من شجعت الناس على الاستثمار في الأسهم, كان على الحكومة توعيتهم وحمايتهم وعدم السماح للمتنفذين بالتلاعب بأرزاق الناس.. إذا كان الرأي أن هذه مقامرة فلتطبق عليها قوانين المقامرة وإذا كانت استثماراً فلْتحمِ التشريعات المستثمرين الصغار.
إن الاستثمار في أسهم الشركات ليس هو بالشيء السيئ بالضرورة, فعلى العكس فإن إحدى ميزات النظام الرأسمالي أنه أنشأ سوقاً للأسهم مما سمح للكثير من الشركات أن تنمو ويزداد إنتاجها عبر طرح أسهمها في الأسواق مما حلّ مشكلتين: مشكلة هذه الشركات، والثانية مشكلة من يملكون فائضاً مالياً ويحتاجون إلى ريع مستمر. إن دخول المُضاربة المتوحشة إلى هذا المجال أفقد أسواق الأسهم بريقها وإن انعدام الثقة في هذه الأسواق سيؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي, وإن فقدان ثقة المواطن العربي بسوق الأسهم نتيجةً لقصور التشريعات سيُجهض فكرة إنشاء صرح اقتصادي متطور قائم على الشركات المساهمة بدلاً من الشركات العائلية.
http://www.alazmenah.com/?page=show_det&select_page=9&id=18664‏

كُتب في المناهج | التعليقات على المضاربة .. ظاهرة مفيدة أم خطيرة؟؟؟؟ مغلقة

مبروك أيتها الأمة العظيمة ويا أيها الشعب الشامخ

يتقدم موقع دربنا ومشرفه

من الشعب المصري العظيم

بخالص الحب والتهنئة لرحيل طاغوته البائد

ويرجو للأمة العربية والإسلامية

الاستقرار والأمن والإيمان

ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله

كُتب في مختلفة | التعليقات على مبروك أيتها الأمة العظيمة ويا أيها الشعب الشامخ مغلقة

عندما يغيب الرجال

لمحة تعريفية عن الأستاذ غسان نجار

مواليد حلب/سوريه عام 1938 يحمل شهادة الماجستير بالهندسة الميكانيكية من جامعة استانبول التقنية عام 1963 - من اسرة تتصف بالعلم والثقافه والده من رجالات التربيه والتعليم في سوريه استلم ادارة عدة مدارس ثانوية في محافظة حلب. غسان نجار له ستة أشقاء :

* حسان نجار طبيب جراح شغل موقع أمين عام اتّحاد الأطباء العرب في أوربا
* عدنان نجار بكالوريوس تجارة وادارة أعمال-محاسب في العديد من الشركات
* زهير نجار مهندس مدني -خريج ألمانيا - يقيم حاليا في الولايات المتحدة
* هشام نجار مهندس ميكانيكي - استلم موقع هدير الادارة الهندسية في نيويورك
* رضوان نجار مهندس ميكانيكي - يدير شركة مقاولات لحسابه في السعودية
* أسامه نجار طبيب في ألمانيا -يعمل في تصنيع وتجارة الأدوية النباتية
* الشقيقة الوحيدة :ميساء نجار ليسانس أدب عربي - متزوجة من مصري يحمل شهادة الدكتوراه في الزراعه
المهندس غسان نجار انتخب أمين سر نقابة المهندسين في مدينة حلب / سوريه واعتقل مع مجموعة من زملائه لمدة اثني عشر عاماً في السجون (1980-1992) وبدون محاكمة على خلفية نشاط النقابات العلمية والمطالبة بتوفير أجواء الحريات وتحقيق العدالة والديمقراطية وسيادة القانون بعيدا عن تطبيق حالة الطوارئ والأحكام العرفية المعلنة في البلاد . المهندس غسان نجار ناشط في المعارضة السورية وعضو الأمانة العامة لتجمّع اعلان دمشق المعارض للنظام السوري وهو أحد رموز التيار الاسلامي الديمقراطي المستقل في سوريه, وهو ممنوع من السفر وقد تقدّم بطلبات عديدة لأداء فريضة الحج والعمرة ولكنّ طلبه رُفض .
المهندس غسان نجار لديه خمسة أبناء:
* محمد ياسين نجار –مواليد 1967 مهندس كهربائي-عضو منتخب للمؤتمر العام لنقابة المهندسين السوريه.
* ياسر نجار مواليد 1969 ماجستير هندسه مدنيه-مدير جمعية(من أجل حلب الأهلية ) كما يرأس -متطوعاّ-لجنة اصلاح وتأهيل الأحداث الجانحين المعيّنه من قبل وزارة الأوقاف , متزوج ولديه ثلاثة أبناء.
* يمان نجّار-1972- شهادة بكالوريوس في العلوم النووية , متزوج ولديه ولدان.
* ابنة وحيدة :لمى نجار -1974- خريجة كلية العلوم الادارية متزوجة من المهندس :عبد الخالق درويش
اعتقل فجر يوم الجمعة 4 شباط 2011 بعدما دعا الى تظاهرات سلمية للمطالبة بالإصلاح وبإطلاق الحريات، نرجو الله له الرعاية والسلامة والصحة والعافية.
أضرب عن الطعام ثم أطلق سراحه قبل يومين .. نرجو له وللجميع وافر الخير

كُتب في الأعلام, المعاصرون, منائر | التعليقات على عندما يغيب الرجال مغلقة

العلمانية الفرنسية عندما تتكلم عن المسلمين

بعد ان مصت اوربا دماء العمال المسلمين خلال مئة عام ساهموا فيها في بناء هذه الدول المتعجرفة فانها الان بدأت تتململ منهم وتريد ان تضايقهم لتحجيمهم او طردهم آخر تحديث: 11/02/2011 - فرنسا -

نيكولا ساركوزي ساركوزي يقول إن التعددية الثقافية في أوروبا فشلت صرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأن التعددية الثقافية في أوروبا فشلت بسبب الاهتمام المبالغ فيه بهوية القادمين الجدد إلى أوروبا أكثر من الاهتمام بهوية الدولة المضيفة.وأضاف ساركوزي بأنه إذا تم قبول كل من يرغب في المجيئ إلى فرنسا فإن نظام الهجرة الفرنسي سينفجر. أ ف ب (نص) صرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الخميس في برنامج تلفزيوني ان التعددية الثقافية “فشلت” في اوروبا وفرنسا “بسبب المبالغة في الاهتمام بهوية الوافدين وعدم ايلاء الاهمية الكافية لهوية الدولة المضيفة”. وحذا الرئيس الفرنسي بذلك حذو المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اللذين اعتبرا في الاسابيع الماضية ان التعددية الثقافية فشلت. وقال ساركوزي “نعم، لقد فشلت. في جميع الديموقراطيات حصلت مبالغة في الاهتمام بهوية الوافدين مع عدم ايلاء الاهمية الكافية لهوية الدولة المضيفة” ردا على سؤال حول اشكالية التعددية الثقافية. وشدد على انه “لا نريد مجتمعا تتعايش فيه الثقافة جنبا الى جنب. فعندما ياتي المرء الى فرنسا، عليه ان يتقبل الانصهار في ثقافة واحدة، هي الثقافة الوطنية. ان لم يقبل ذلك فعليه الا ياتي الى فرنسا”. واضاف “اذا قبلنا الجميع فنظام الهجرة لدينا سينفجر”. وقال ساركوزي “ينبغي ان يتمكن مواطنونا المسلمون ان يعيشوا ويمارسوا دينهم، كاي مواطن اخر” من اديان اخرى، “لكن لا يمكن ان يكون ذلك الا اسلاما فرنسيا، وليس اسلاما في فرنسا”. وتابع “لا نريد في فرنسا ان يصلي الناس في الشارع بصورة طاغية” لكن من “الطبيعي” ان يكون لديهم مساجد. وتابع “الصلاة لا تستفز احدا، لكننا لا نريد (…) نشر الدين بالقوة”. وقد اثارت مارين لوبان قبل شهرين سخطا بتشبيهها “صلاة المسلمين في الشارع” بالاحتلال النازي. واعتبر الرئيس الفرنسي ان “الصلاة لا تغيظ احدا ولكن لا نريد (…) دعوة دينية عدائية”. وقال ايضا ان “المجتمع الوطني الفرنسي لا يريد تغيير اسلوب حياته ونمطه في الحياة والمساواة بين الرجال والنساء (…) وحرية البنات الصغيرات في التوجه الى المدرسة. وحول الهجرة، ندد الرئيس الفرنسي بانه “طيلة سنوات لم تكن لدينا سوى سياسة واحدة تقوم على تسوية اوضاع البعض” ووعد بانه لن تحصل طالما هو في سدة الرئاسة “عمليات تسوية كثيفة” للذين لا يحملون اوراقا ثبوتية. وطالب بسياسة افضل لناحية التنمية المشتركة مع الدول الافريقية. وقال “عندما تفكرون انه بالنسبة لهذا البلد التعيس الذي هو بنين والذي هو احد الدول الاكثر فقرا في العالم، هناك اطباء من هذا البلد يمارسون مهنتهم في فرنسا اكثر منهم في بنين”.

http://www.france24.com/ar/20110211-multiculturalism-failed-immigration-sarkozy-live-broadcast-tf1-france-public-questions

كُتب في المناهج | التعليقات على العلمانية الفرنسية عندما تتكلم عن المسلمين مغلقة

انهيار مراكز الدراسات والأبحاث (بين رفرفات بوعزيزي .. وتحليق القرضاوي) ..

إهداء : إلى الرجل العظيم (سرهندي سورية، وغاندي الشرق الأوسط، ومانديلا العرب …)

والذي كلما غاب يوماً آخر ، كلما حُفرت في قلوبنا أخاديد أعمق …

إلى الذي علمنا أن الدين الحق وعمل الأنبياء هو حب وتسامح، وغيرة ووطنية، وعدل وحرية وكرامة، ودفاع عن المستضعفين في الأرض …

أكمل قراءة التدوينة

كُتب في كلمة الشهر | التعليقات على انهيار مراكز الدراسات والأبحاث (بين رفرفات بوعزيزي .. وتحليق القرضاوي) .. مغلقة

بيان الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - العلامة الإمام يوسف القرضاوي

بيان
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة في مصر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه.
(وبعد)
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بكلِّ اهتمام، وبقلق بالغ: الانتفاضة المباركة التي تجري في أرض مصر العزيزة على كلِّ عربي، وكلِّ مسلم، مصر بلد الأزهر، وقبلة الثقافة الإسلامية للأمة الإسلامية في كلِّ مكان. هذه الانتفاضة المصرية الخالصة الحرَّة المستقلَّة، التي يقودها أبناء الطبقة المتوسطة، الجامعيون المتعلِّمون، الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، بعد أن غرز فيهم وحش غلاء الأسعار أسنانه، وبعد أن طحنتهم مطالب الحياة التي لا ترحم، فالبطون الجائعة لا بدَّ لها من خبز، والأجسام العليلة لا بدَّ لها من دواء، والأسر المشرَّدة لا بدَّ لها من شقق تسكنها، والخريجون لا بدَّ لهم من عمل يعيشون منه.
ناهيك بما يشكو منه وطنهم العريق في حضارته وتاريخه من وهن وتأخُّر في التعليم والصحة والاقتصاد والقوَّة العسكرية، والانسحاب من دوره التاريخي في القضية العربية مع الدولة الصهيونية … فكادت إسرائيل كيدها لتخرجها من معركة فلسطين أو معركة الأمة العربية والإسلامية، وأصبحت مصر وسيطة بين الطرفين لا شريكا في الكفاح، وتخبطت مصر محليًّا، وضعفت مصر عربيًّا، ووهنت مصر إسلاميًّا، وتأخَّرت مصر دوليًّا، كانت ديون مصر أول ما تسلم مبارك الحكم (12) مليارا فأمست ديونها (880) مليارا، وغدا (40%) أربعون في المائة من أبناء مصر تحت خط الفقر، وكلُّ ذلك تراه أجيالها الجديدة، وتنكره بقلبها، صابرة على البلاء، مصابرة على البأساء والضرَّاء، وفي كلِّ يوم يزداد فقر الفقراء، ويتضاعف غنى الأغنياء، وفي كلِّ يوم يمرُّ، والمرجل يغلى، والنار تشتعل تحته، حتى أوشك للمرجل أن يتفجَّر أو يتكسَّر.
كان النظام المصري يسمع شكاوى الناس من كلِّ الطبقات، ولا سيما الطبقات الفقيرة والوسطى، ولكنه سدَّ أذنا من طين، وأذنا من عجين، وتعاون الثالوث المعروف: فرعون وقارون وهامان، فرعون المستكبر بسلطانه، المستخف بقومه، وقارون المغرور بكنوزه ومكاسبه، وهامان الواسطة بينهما، تعاون هذا الثالوث غير المقدَّس على نهب ثروات مصر، والعلو على شعب مصر، لحساب فئة قليلة، ظلَّت تسمن وأبناء مصر يهزلون، وتزداد تخمة وأهل مصر جائعون، ويطلبون الأطعمة لولائمهم وأعراسهم من باريس، وكثير من شعب مصر يئنون من الجوع أنين الملسوع.
كان الشعب يعيش في سجن كبير يحكمه قانون الطوارئ منذ عشرات السنين، لا يملك حرية سياسية حقيقية، فليس له حق تكوين الأحزاب، ولا حق الاعتراض على تصرفات الدولة، وإلا فالمحاكم العسكرية بالمرصاد، وحتى الحرية الدينية مفقودة، فالدولة تسيطر على المساجد والمنابر وخطب الجمعة، ويجب أن تُغلق المساجد بعد الصلاة.
والانتخابات تزوَّر علانية، جهارا نهارا، كما تجلَّى ذلك في انتخابات مجلس الشعب والشورى الأخيرة، التي بلغ فيها التزوير المكشوف أعلى المستويات، بعد أن أبعد القضاء المصري المحترم عن الإشراف على الانتخابات، وبعد التدخُّلات المستمرَّة في قهر القضاء ليخرج عن استقلاله، ويمسي تابعا للحزب الحاكم.
لقد عمَّ البلاء، وضجَّ الناس بالشكوى، وأضحى الأمر كما قال الشاعر:
شكوت وما الشكوى لمثلي عادة

ولكن تفيض الكأس عند امتلائها!
وأخيرا: وبعد صبر طويل من الشعب المصري العريق، على المظالم والفقر والجوع، خرج شباب مصر الأحرار المتعلِّمون، بعد أن رأَوا أرض مصر تُنهب، وثرواتها تُسرق، ومؤسَّساتها تُباع بأرخص الأثمان، يتمُّ ذلك لحساب طواغيت الحكم المصري، وفراعنة الحزب الحاكم، من رجال الأعمال، الذين أُعطوا من الامتيازات والاحتكارات الكبرى، ما يميِّزهم وأقاربهم وأصهارهم عن سائر المصريين، الذين يعانون البؤس والحرمان.
والجيل الجديد من المصريين من الرجال والنساء، هو جيل من الطبقة المتوسطة من المتعلِّمين، نشأ في عهد الرئيس مبارك، ولم يعرف رئيسا غيره، اتَّفق بعضه مع بعض عن طريق الإنترنت، والفيسبوك والمحمول وغيرها من وسائل التواصل العصرية، على أن ينزلوا إلى الشارع، معبِّرين عن ذواتهم، ثائرين على أوضاعهم، مطالبين بحقوقهم، من خبز لكلِّ جائع، وعمل لكلِّ عاطل، ومسكن لكلِّ مشرَّد، كما ينشد حقَّه في الحرية والكرامة والعدل، وحقَّ وطنه في التقدُّم والرقي، لم يكن هذا التحرك تابعا لأيِّ حزب أو هيئة، ولم يحرِّكه أيُّ تنظيم سياسي تقليدي في مصر، ومن هنا لا يعرف لهذه الانتفاضة، بل الثورة قيادة معيِّنة، بل هي تقود نفسها بنفسها.
ولكن مما يُؤسف له: أن النظام المصري لم يدرك حجم التغيير، الذي حدث لهذا الشعب، كيف تغيَّر فكره، وكيف تغيَّر وجدانه، وكيف تغيَّرت عزيمته، فكلُّ ما قابل به التظاهر السلمي: المقابلة الأمنية التي تدرَّجت من عنف خفيف، إلى عنف ثقيل حتى إنه في يوم جمعة الغضب، سقط فيه مائة وخمسون شهيدًا من المتظاهرين، برصاص رجال الأمن، وحوالي أربعة آلاف جريح!
إن بعض الأنظمة للأسف لا تستفيد من الدروس من حولها، فهي عمياء لا ترى، صمَّاء لا تسمع، غبيَّة لا تفهم، وقد قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]، وهؤلاء لا قلب لهم، ولا سمع ولا شهود.
إن الحكومة يجب أن تكون في خدمة الشعب، فهي وكيلة عنه، أو أجيرة له، وليست سيدة له، أو مستكبرة عليه، ورحم الله أبا العلاء المعرِّي حين قال:
مُلّ المقام فكم أعــاشر أمة

أمَرتْ بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية استباحوا كيدها

وعَدَوْا مصالحها ، وهم أجراؤها!
إن مشكلة الحكم في مصر، أنه حكم شعبا لم يعرف حقيقته، وظنَّ أن هذا الشعب سيظلُّ أبد الدهر مستكينا صبورا حليما، ونسَوا أن الحليم قد يغضب، وأن الصبور قد يثور، وقد استثاروا الشعب وأوقدوا شعلة غضبه، حين رأوا أن الذين ولَّاهم الله مسؤولية رعاية الناس، خانوهم وأضاعوهم وأكلوا حقوقهم، وأصبح المثل السائر على كلِّ لسان: حاميها حراميها. وتمثَّل الجميع بقول الشاعر:
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها

فكيف إذا الرعاة لها ذئاب؟!
لقد ضجَّ المجتمع المصري من الفساد الذي انتشر انتشار النار في الهشيم، وانتهب هؤلاء الفسدة المفسدون المسنودون أراضي الدولة، وسرقوا ثروات الأمة، ولم يستطع أحد أن يحاسبهم، أو حتى يسائلهم، والمصريون يقولون: هل يستطيع أحد أن يقول للغولة: عينك حمراء؟!
وأخيرا طفق هؤلاء يهربون بطائراتهم الخاصة، محملة بالصناديق المملوءة بما خفَّ حمله وغلا ثمنه، من الذهب وغيره، حملتها (19) طائرة خاصة، تحمل رجال الحزب الوطني وسراق مال الشعب!! هربوا بأموالهم بأموالهم، وهي أموال الشعب، وتركوا البلد يخرب ولم يبالوا.
مَن المسؤول عن دماء هؤلاء الشهداء، الذين لم يقترفوا جُرما، ولم ينتهكوا حُرمة، ولم يرتكبوا منكرًا؟ المسؤول عن هذا هو النظام الظالم، ممثلاً في وزير الداخلية ورجاله، ومباحث أمن الدولة، وقبل هؤلاء جميعا، نقول: إن المسؤول الأول هو رئيس الدولة السيد حسني مبارك، فهو الراعي المسؤول عن رعيته.
ونحن نقف مع الشعب المظلوم ضدَّ ظالمة، وقد شرع القرآن للمظلوم: أن يجهر بالسوء من القول ضد ظالمة، كما قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]
ونحن نؤيِّد شعب مصر، الذي قدَّم تضحيات كبيرة من قتلى وجرحى في سبيل إصراره على تحقيق مطالبه في الحرية والكرامة والعزَّة، وقد حدَّدها الشعب المصري الكريم في جملة واحدة: أن يرحل مبارك، ونظامه ورجاله، ويترك الشعب المصري يختار لنفسه مَن يراه.
وليس المراد أن يزول شخص مبارك ويأتي مكانه شخص آخر من جنسه، ولكن المراد أن يزول هذا النظام بكلِّ رؤوسه ورموزه، وجذوره وفلسفته، ليقوم نظام آخر، له فلسفتة أخرى، يضع دستوره مجلس تأسيسي أو جمعية تأسيسية منتخبة، وقد يُضمُّ إليها مجموعة من حكماء مصر، الذين يأتمنهم الشعب على مستقبل الوطن.
وأن يقوم انتخاب لرئيس الجمهورية، انتخابا نزيها شفافا يشرف عليه القضاء إشرافًا كاملاً، ويكون الباب مفتوحا لكلِّ مصري مستوفٍ للشروط.
وكذلك ينتخب مجلس للشعب ومجلس للشورى.
وتبدأ مصر مرحلة جديدة من البناء وإقامة العدالة الاجتماعية، وحشد قوى الشعب في النهوض بهذا البلد العريق، وتجتمع كلُّ إمكانياته وفاعلياته للخروج من سجن التخلف، إلى باحة التقدم والترقي.
لقد رفض الشعب المصري المجالس النيابية التي تضم رجالا من تجار المخدرات، وتجار الأغذية الملوثة بالإشعاع، وسرَّاق الأراضي.
إن الله قد أخذ الميثاق على العلماء: أن يبيِّنوا الحقَّ للناس ولا يكتموه، ووصف الله العلماء المرضيين عنده بقوله: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب:39]، وهذا هو شعار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وقد أمر الله المؤمنين، أن يتواصوا بالحقِّ والصبر، وأن يتعاونوا على البرِّ والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان، وأن ينصر كلُّ منهم أخاه ظالما أو مظلوما، ومعنى “أن ينصره ظالما”: أن يأخذ فوق يديه، يحجزه عن الظلم فذلك نصره، فـ”المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه”. أي لا يتخلَّى عنه.
ومن هنا ننصح للرئيس حسني مبارك – “والدين النصيحة” - أن يتَّقي الله في دماء المصريين، ولا ضرورة للمزيد من سفكها، وفي اقتصاد مصر، وقد خسر عشرات المليارات، بل مئاتها، وكلُّ يوم تزداد الخسائر وتتضاعف! حسبك ثلاثون سنة أيها الرئيس، فارحل ودَع الشعب يصرِّف أموره بنفسه، ينشئ حكومة إنقاذ مؤقتة، تشرف على انتخاب جمعية تأسيسية جديدة، تضع دستورا جديدا، يتضمن كل ما يصبو إليه الشعب من مبادئ وقيم، بعد تجربته الطويلة منذ سنة 1952م.
وعلى أساس هذا الدستور، تجري انتخابات رئاسية وتشريعية، لكلِّ من مجلسي الشعب والشورى.
على أن تقام محاكم مدنية تشكَّل من قضاة عادلين معروفين بنزاهتهم، لمحاكمة كلِّ مَن أجرم في حقِّ الشعب، وخصوصا في أيام الانتفاضة، ولا سيما من رجال الأمن، الذين قتلوا الناس الآمنين، ونهبوا البيوت والمحلات، وأحرقوا السيارات، مع أنهم المسؤولون عن أمن الناس. ومن حقِّ كلِّ مَن لديه مظلمة أن يتقدَّم إلى هذه المحاكم.
كما يجب أن يعوَّض كلُّ مَن ظلم، أو اتُّهم ظلما، أو أُسيء إليه بأيِّ طريقة من الطرق، ومَن لقي ربَّه، يُعوَّض أهله وذريته.
وما عند الله أوفى، وهو الذي يوفِّى كلَّ نفس بما كسبت، ولا يضيع عنده مثقال ذرة، {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم:42].
ويبين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هنا: أن المائة وخمسين قتيلا، الذين سقطوا برصاص رجال الأمن أو من يعمل لحسابهم من البلطجية والمجرمين، إنما هم هم شهداء عند الله؛ لأنهم خرجوا من جوامعهم في صلاة الجمعة، متوضئة أيديهم، طاهرة قلوبهم، محتسبين عند الله ما يصيبهم من أذى، يطلبون حقوقهم وحقوق أمتهم، غير باغين ولا عادين، لا يحملون سلاحا، ولا ينوون ظلما لأحد، فبغي عليهم بغير حق، ووجه الرصاص الحي إلى صدورهم، من أناس يفترض أن يحموهم.
فهؤلاء القتلى شهداء، لأنهم مقتولون ظلما وعدوانا، ولأنهم خرجوا من بيوتهم بنية الجهاد، وهم يدخلون في مضمون الحديث الشريف: “سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه فقتله”.
وفي الحديث الآخر: “مَن قتل دون دينه فهو شهيد، ومَن قتل دون دمه فهو شهيد، ومَن قتل دون أهله فهو شهيد، ومَن قتل دون ماله فهو شهيد”.
أما قاتلوهم، فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وننذرهم بقول الله سبحانه: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93]، وبخاصة أن القائل هو المسؤول عن حماية أرواح الناس وأموالهم، فكيف يصبح حارس الإنسان قاتله، وحاميه سارقه؟
وآمروهم الكبار شركاؤهم في الإثم، بل هم أكبر جرما، وأعظم إثما، وسينتقم الله منهم في الدنيا والآخرة، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:277].
وإني لأحيي الجيش المصري، الذي هو درع الوطن، والذي تعامل مع المتظاهرين في ميدان التحرير بروح الوطنية الحقَّة، والأخوَّة الخالصة، كما أن الشعب قابل الجيش بالترحيب والتصفيق والمصافحة لجنود الجيش، وإني لأناشد الجيش وضباطه الوطنيين المخلصين أن يتولَّوا هم حماية الشعب ومطالب ثورته، التي قدَّمت مائة وخمسين شهيدا وأربعة آلاف جريح، والجيش أهل لأن يتحمَّل مسؤولية الحماية المؤقَّتة، حتى يسلِّم الأمانة إلى نظام جديد، ورئاسة جديدة، تأتي نتيجة انتخابات حرَّة نزيهة، بناء على دستور جديد، تضعه جمعية تأسيسية منتخبة.
يا أبناء مصر الأحرار، لقد كانت هذه الانتفاضة الميمونة انتفاضة الشباب، أو الأبناء، وقد قاموا بالعبء الأكبر فيها، والآن أناشد جيل الآباء والشيوخ أن ينضمُّوا إلى أبنائهم، ويقفوا بجوارهم، ليشدُّوا أزرهم، ويسندوا ظهرهم، ويسدِّدوا خطاهم، ويتَّفقوا على المطالب الوطنية العليا، التي لا يختلف فيها اثنان، وهي رحيل هذا النظام الذي فقد شرعيته، ومبرر وجوده.
أدعو الأحزاب والقوى السياسية على اختلاف ألوانها واتجاهاتها، وأدعو النخب الفكرية والثقافية على تنوُّع فلسفاتها، وأدعو النقابات المهنية على اختلاف تخصُّصاتها، أدعو علماء الأزهر حيثما كانوا، في الجامعة أو المعاهد أو المساجد والأوقاف، أو التربية والتعليم، وأدعو المفكرين ورجال الجامعات والأكاديميين، وأدعو رجال القضاء والنيابة، وأدعو المحامين على اختلاف درجاتهم، وأدعو الصحفيين والإعلاميين، وأدعو الأطباء والمهندسين، وأدعو المعلِّمين والموجِّهين، وأدعو كلَّ النخب والمثقِّفين، وسائر النقابات، إلى أن يَدَعوا شواغلهم الخاصَّة، وينضمُّوا إلى هؤلاء الشباب الأطهار من أبنائهم، ولتتخلَّ كلُّ فئة منهم عن طلباتها الخاصة، وأهدافها الخاصة، وتركِّز على طلب واحد، هو الذي يردده شبابهم وأبناؤهم، والمعبِّرون عنهم: أن يذهب النظام ويحل محله نظام جديد، لم تلوث يده بدمهم، ولم يفرض نفسه عليهم، ليبدأ الشعب صفحة جديدة، وحياة جديدة.
إن شعب مصر يكتب تاريخا جديدا، بل هو يصنع تاريخا جديدا، فلنشاركه صنع هذا التاريخ، فهذا يوم له ما بعده، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
أدعوكم جميعا يا رجال مصر، أن تقفوا يدا واحدة، وجبهة واحدة، حتى تحققوا أمل الشعب، فإن الاتحاد قوة، ويد الله مع الجماعة، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، {إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:160].

يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

كُتب في المناهج | التعليقات على بيان الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - العلامة الإمام يوسف القرضاوي مغلقة

مخاطر غربة أجيالنا عن لغتهم الأم … للأستاذ علي الرشيد

رابط المقال: http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=224469

غربة أجيالنا عن لغتهم الأم.. مخاطر وتحديات

كيف نريد ألا تنحسر اللغة العربية عن حياة أجيالنا الصاعدة، بينما كل الأجواء المحيطة بهم تهوّن من شأنها، أو تدفعهم دفعا للهيام بغيرها، بقصد أو من دون قصد.
كان العرب يرسلون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم إلى البادية لتعلم الفصاحة والبلاغة وسماع اللغة العربية الصافية وحفظ أشعارها، فتنشأ لديهم السليقة، بينما نفخر بإرسال أبنائنا إلى المدارس الأجنبية في سنّ الروضة.
وفي مدارس التعليم الأساسي والثانوي ببلادنا العربية يفسح المجال للغات الإفرنجية (الإنجليزية والفرنسية) لتكون لسان التعليم على حساب العربية التي أصبحت غريبة الوجه واللسان في أرضها وبين أهلها، وتستمر الحال على هذا المنوال إلى الجامعة التي أصبح الدخول إلى الكثير منها من دون “توفل” متعذرا.
إن تعلم وإتقان اللغات الأجنبية مطلوب وضروري، خصوصا في ظل تخلف أمتنا عن الركب الحضاري، شريطة ألا يكون ذلك على حساب لغتنا الأم.
ويتسع نطاق غربة أجيالنا المعاصرة عن لغتهم الأم في إحدى تجلياتها، باعتماد “خلطة” غريبة تجمع بين العربية والإنجليزية بآن معا، في حديثهم المتداول فيما بينهم، أو عند تعرضهم لذلك في حياتهم العامة أو عبر ما تنقله وسائل الإعلام إليهم والتي أطلق عليها مجازا ” العربيزي”.
ويرتبط استخدام هذه الخلطة العجيبة في ذهن المتحدثين بها بالعصرنة والمباهاة والتعالي عمّن حولهم، زعما منهم بأن اللغة الأجنبية هي لغة الحداثة والرقي والعلم، فيما حال العربية بات قاصراً عن مواكبة تطورات الحياة ومستجداتها.
ويستمر زحف ” العربيزية” أو “الفرانكو عربية” الخطير على حاضر ومستقبل لغة أجيالنا بانتقالها من المنطوق إلى المكتوب، ارتباطا بظهور الكمبيوتر والبرمجيات، ثم الإنترنت والتواصل الإلكتروني الكتابي عبر المنتديات وغرف الدردشة وشبكات التواصل الاجتماعي و” الماسنجر” ورسائل الهواتف المحمولة خصوصا أن أكثر المستخدمين لذلك هم شريحة الشباب، حيث يكتبون العربية بالطريقة ” العربيزية”.
و” العربيزية” المكتوبة باختصار هي كتابة الكلمات العربية باستخدام الأرقام والحروف الإنجليزية، حيث تستخدم الأرقام من 1-9 للتعبير عن بعض الأحرف العربية التي لا وجود لها في الإنجليزية، كـحرف الخاء الذي يستخدم عوضا عنه الرقم 5، ورقم 6 للتعبير عن حرف الطاء، و7 عن الحاء وهكذا، أي أننا لو أردنا أن نكتب كلمة (عرب) بـ ” العربيزية ” مثلا فستكون: (rb3).
ومع التنامي المخيف لهذه اللغة الهجينة ثمة قلق جدي لدى الحادبين على لغة العروبة والقرآن من أن تجد نفسها أمام أجيال تجد صعوبة بالغة في التعاطي مع لغتها الأم شفاهة وإملاء، فضلا عن التذوق والتدبر.
ويدخل على خط غربة الأجيال عن لغتهم العربية ما يتصل بطريقة التفاهم والحديث مع العمالة الآسيوية، والتي صار لها قوالبها وتراكيبها العجيبة، وتحديدا مع الخدم والسائقين الذين تتعامل معهم الأسر بكل مكوناتها بمن في ذلك الأطفال والناشئة بشكل مباشر ومكثف.
إن هذه اللغة ـ إذا جازت تسميتها كذلك ـ هي الأخرى “مكسّرة” تشوبها مفردات غير عربية، وتراكيب غير منسجمة تسيء إلى جمال لغتنا العربية النقية الصافية، والحجة التي تساق لتبرير هذه الإساءة ـ وإن كانت غير متعمدة أو مقصودة ـ تسهيل إيصال رسائلنا الشفوية إلى هذه العمالة، رغم أن الحديث بلسان عربي قويم لا يمكن أن يكون عائقا دون فهم متلقٍ يفترض أنه يتعلم لغة جديدة عليه أو يصعِّب من عملية التواصل معه.
ولا يتوقف الخطر عند هذا الحد، فثمة ما يزيد من غربة أجيالنا الصاعدة عن لغتهم، لغة الضاد ويفاقمها، بسبب تفشي استخدام المحكية (العامية) باعتبارها اللغة الرئيسية لتواصلهم اليومي، والمعتمدة لديهم في جميع مناحي الحياة على حساب العربية الفصحى ـ كحال كبارهم ـ حيث لا تستخدم الأخيرة إلا في مجالات ضيقة.
وتبعا لذلك تبدو الفصحى لدى الأطفال والناشئة نغما نشازا عندما يسمعونها أو يريدون التحدث أو التواصل أو التدوين بها، طالما أنهم منذ أن فتحوا عيونهم على الدنيا يسمعون المحكية في المحيط الذي يعيشون به: الأسرة ورياض الأطفال والمدرسة، ووسائل الإعلام التي يتسمرون أمام المرئية والإلكترونية منها لساعات طويلة، فيما ينحصر تعاطيهم مع الفصحى في تواصلهم المحدود مع معلميهم ومع القليل مما يتابعونه من برامج إعلامية.
ومن الصور المؤلمة المترتبة على هذا الواقع المحزن أن الجيل الشاب الذي يلجأ إلى العربية في كتابته عبر الهاتف الخلوي أو الإنترنت ـ وليس اللغة الأجنبية أو العربيزية أو الفرانكو عربية ـ يدوّنها بالمحكية وليس بالفصحى، مع ما يترتب على ذلك من ضحالة المفردات اللغوية وضعف المهارات الإملائية، وتردي الملكات التعبيرية لديه.
ورغم ذلك فثمة مبادرات تستحق الإشادة والتقريظ كونها تصب في خانة إعادة الاعتبار للغة العربية الفصحى والغيرة عليها، موجهة للأطفال والناشئة والشباب، أو نابعة منهم، رفضا لسيادة ما سواها “عامية” أو أجنبية، إلا أن هذه النماذج وغيرها ـ وهي قليلة ـ لا تتناسب مع حجم اغتراب أجيالنا عن لغتهم الأم الذي وصل حدّ تهديد الهوية، وحجم التحديات الكبيرة التي ينتظر أن تواجههم على هذه الطريق خصوصا مع التطور المتسارع لوسائل الاتصال.
تحتاج الأمة إلى أكثر من ذلك.. إلى حملات وطنية على مستوى الأقطار العربية تشترك فيها الأسرة والجهات التربوية والإعلامية والدينية والشبابية في إطار تكاملي لإحياء العربية الفصحى في واقع الأطفال والناشئة والشبيبة وتحبيبهم باستخدامها والتواصل بها، وتذوقها، وتبصيرهم بقيمتها ومكانتها، باعتبارها هوية الأمة وأعظم مقومات وجودها، وحاضنة تراثها وثقافتها، والابتعاد عن فرضها عليهم، بقرارات فوقية، ومعالجات حماسية غير واقعية أو عملية.
الحديث عن المبادرات والحملات والتي تحتاج إلى أنشطة عملية وفعاليات تطبيقية قريبة إلى قلوب ووجدان الأطفال والناشئة والشباب، هي بيت القصيد، وهي تحتاج إلى مقال آخر، بل إلى مقالات أخرى نأمل أن نقوم بتناولها قريبا بإذن الله

كُتب في المناهج | التعليقات على مخاطر غربة أجيالنا عن لغتهم الأم … للأستاذ علي الرشيد مغلقة

بادرات رد الاعتبار للعربية الفصحى لدى الأطفال والشباب .. للأستاذ علي الرشيد

نظرا لما تعانيه لغة الضاد من ظلم وتهميش في الفضاء العربي، ولمواجهة غربة أجيالنا عن لغتهم الأم، ينبغي التحرك في كافة الاتجاهات ضمن منظومة شاملة على مستويات التعليم والإعلام والعلاقات الأسرية والاجتماعية لتبصير الناشئة والشباب بقيمتها، باعتبارها هوية الأمة، وحاضنة تراثها وثقافتها، ولتمكينهم من مهاراتها المختلفة: قراءة نصوصها والكتابة بحروفها، وفهم ما يسمعونه منها، والحديث بلسانها الفصيح، لتنشأ لديهم السليقة منذ نعومة أظفارهم، وصولا بهم إلى تذوق جمالياتها، إضافة إلى تقديم معالجات لبعض الظواهر التي طبعت كثيرا من الممارسات في تعاملهم اليومي مع محيطهم بالتوازي مع تطور تقنيات الاتصال.

ولعل من أهم الإشكالات التي ترتبط بها الواقع المرير التي جعل لغتنا العربية الشريفة غريبة في أوطانها وبين أهليها تتمثل في:
ـ إعلاء شأن بعض اللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية على حسابها، حتى صار الكثير من أبنائنا أكثر إجادة لها، وتمكنا منها، واستقر في عقولهم أنها لغة العصر والتقدم والتحضر، وما ذلك إلا بسبب جعل هذه اللغات الإفرنجية لغة التعليم في المدارس والمعاهد والجامعات، وأداة التواصل والتخاطب الشفهي والكتابي في الدوائر والأعمال الوظيفية في القطاعين العام والخاص.
ـ إشكالية الازدواجية بين الفصحى واللغات المحكية المختلفة، وتنتصب هذه المشكلة أمام تلاميذنا العرب الذين يدرسون بالعربية عند دخولهم المدرسة،لأنهم يكتشفون بأنهم يتعلّمون المعرفةَ بلغة (فصحى) لم يُتقنوها ولا يُمارسونها إلا في أثناء القراءة والكتابة، ففي بيئاتهم الأسرية لا يتكلمون إلا العامية، والأعجب منها أن تكون لغة الخطاب السائدة في مدارسنا هي العامية، ولغة الكتاب والدراسة هي الفصحى.
ـ الهجائن اللغوية التي تجمع بين العربية والإنجليزية أو بين العربية والفرنسية أو بين العربية واللغات الآسيوية على مستوى التخاطب، أو بين كتابة الكلمات والمعاني العربية بالحروف اللاتينية على مستوى التواصل الإملائي خصوصا عبر وسائط الاتصال الحديثة كالهاتف الجوال وشبكات الحاسوب والإنترنت وما يلوذ بها.
وإزاء هذا الواقع المعقد، وبحثا عن مقاربات علاجية شاملة له، أكدتُ في مقال لي الأسبوع الماضي على ضرورة تنظيم حملات وطنية على مستوى الأقطار العربية تشترك فيها الأسرة والجهات التربوية والإعلامية والدينية والشبابية معا في إطار تكاملي لإحياء العربية الفصحى في واقع الأطفال والناشئة والشباب، ونظرا لتعذر ذلك ـ حتى الآن على الأقل ـ بسبب عدم تبنيه من قبل الجهات الحكومية العربية فعليا فإن أي مبادرة تصب في هذا الاتجاه ستكون ذات نفع كبير، وهي تستحق كل التقدير.
ومن هذه المبادرات ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ ما انطلق من أوساط الشباب كجمعية “حماة الضاد” بلبنان والتي تسعى لإحياء التخاطب بها وإعادة الحرف العربي ليتبوأ مكانه في الرسائل النصية وغرف المحادثة على الإنترنت ولوحات الإعلانات، ومجموعة “اكتب عربي” على شبكة التواصل الإلكتروني: “فيسبوك” والتي تضم آلاف الشباب الذين يرفضون استخدام الأحرف الأجنبية في كتابة العربية على الإنترنت، و “جمعية الدفاع عن اللغة العربية” في المغرب والتي تكافح ضد استعمال كلمات أجنبية في حياتهم اليومية خصوصا الفرنسية، وتعتبر ذلك تلوثا.
ومن المبادرات التي تستحق الاهتمام والتعميم في مجال التعليم: مشروع “تعليم العربية الفصحى بالفطرة والممارسة” الموجَّه لرياض الأطفال والمرحلة الأولى من المرحلة الابتدائية، والذي كان الفضل في تأسيسه ونشر فكرته في غير ما بلد عربي للدكتور عبدالله الدنان، وتتبنى المشروع داخل دولة قطر جمعية قطر الخيرية، حيث استفاد منه ـ عبرها ـ حتى الآن عشرة آلاف طالب في المدارس الخاصة والمستقلة.
ويعتمد مشروع الدنان على ما كشفه العلماء واللغويون النفسيون مثل (تشومسكي 1959م)، في طَريقة تحصيل اللغات، وتتمثل في قدرة الأطفال من الولادة وحتى سن السادسة على اكتساب اللغات فطريا، لأنهم يولدون وفي أدمغتهم قدرات هائلة على بلوغ ذلك، مما يمكّنهم من إتقان لغتين أو ثلاث في آن واحد، وبحيث لا يحتاجون إلى إعطائهم قواعد اللغات، بعكس الطريقة المكتسبة للغات والتي تكون بعد السادسة.
وفي مجال الإعلام المرئي فإن لقناة ” براعم” التابعة لقناة “الجزيرة للأطفال” الدور الأكبر والأبرز في تمكين الأطفال بين 3 ـ 6 سنوات من التعود على العربية الفصحى، ومثل ذلك ينطبق على قناة “سنا” السعودية التي تقتصر أناشيدها الموجهة للأطفال على الفصحى فقط.
وما زلنا بحاجة إلى المزيد من المشاريع والأنشطة والفعاليات التطبيقية الجذّابة لنشر الفصحى بحيث تبدأ من ألعاب الأطفال، ولا تنتهي بالإنتاج الفني التلفزيوني والإلكتروني وشبكات التواصل عبر الإنترنت، وإنشاء المواقع الإلكترونية، أو تخصيص الجوائز التشجيعية، والاستفادة من كل جديد في عالم التقنيات الإلكترونية والرقمية وصناعة الترفيه لإدخالها في تفاصيله.
[email protected].

كُتب في المناهج | التعليقات على بادرات رد الاعتبار للعربية الفصحى لدى الأطفال والشباب .. للأستاذ علي الرشيد مغلقة